الإنسان هو محور التنمية وهدفها الأساسي , ويتفق كثير من الباحثين على أن فن إدارة الموارد الاقتصادية يفوق في الأهمية مقدار ونوعية تلك الموارد. والإدارة السليمة تُحقق استخدام الموارد الاقتصادية بشكل جيد حتى لو كانت قليلة , أما الإدارة السيئة فيمكن أن تؤدي إلى هدر واستنزاف الموارد حتى لو كانت وفيرة . وظاهرة الإسراف تناقض عملية التنمية المستدامة , حيث إن الناس يعملون بصورة مبالغ فيها من ناحية صرف الأموال على حسب المظاهر حتى لو كانوا فقراء . بل إن بعض الناس يظهرون بمظاهر الثراء وهم أقرب إلى الفقر والبخل في حياتهم الخاصة . وتنتشر ظاهرة الإسراف في المناسبات العامة والخاصة , ففي حفلات الزواج تتمثل هذه الظاهرة في قصور الأفراح باهظة التكاليف مع العشاء الفاخر بكميات كبيرة , لا يأكل الناس فيه إلا كميات قليلة , ثم يذهب معظم ذلك الطعام إلى صناديق القمامة . أما الإسراف عند النساء فقد يكون أكثر ظهوراً , حيث ترى إحداهن وقد ارتدت لكل مناسبة فستاناً جديداً يكلفها الكثير , وتحاول أن لا يتكرر ماتلبسه في كل مناسبة , مما يجعل دواليب ملابسها يزدحم بما لانفع فيه بعد فترة قصيرة من الزمن . وتنتشر ظاهرة الإسراف المناقضة للتنمية المستدامة في جوانب أخرى من حياتنا مثل استهلاك الماء أو الكهرباء , حيث نجد الكثير من الناس يسرفون في سقي حدائقهم أو غسل سياراتهم . وتدل الإحصاءات على أن استهلاك الفرد في دول الخليج قد ارتفع من حوالي 160 لتراً يومياً في عام1965م إلى أكثر من 250 لتراً حالياً وهي كمية استهلاك مرتفعة بالنسبة إلى منطقة جافة من العالم . كما أن الإحصائيات توضح أيضاً ارتفاع نسبة الاستهلاك الكهربائي خاصة في فصل الصيف بشكل كبير .... والتنمية المستدامة تعني تحقيق مبدأ المسؤولية المشتركة بين الإنسان ومجتمعه , والالتزام بتوفير الحياة الكريمة إلى الأجيال القادمة , والمحافظة على وتيرة توفير التعليم والمعرفة ومتانة الاقتصاد والتنوع المعرفي والثقافي ....إلخ إن الإسراف مناقض للتنمية التي تدعو الإنسان إلى المحافظة على موارده الطبيعية , والتفكير في المستقبل تفكيراً سليما ومعقولاً . كما تتطلب التنمية توعية المجتمع والأسرة والأطفال بخطر الإسراف والسلوكيات المؤدية إلى استنزاف مواردنا الطبيعية . والتنمية المستدامة هي بناء الإنسان ليكون أكثر وعياً ومسؤولية نحو نفسه ومجتمعه. وإذا طبق المجتمع الإسلامي الإسلام بشكل صحيح فهو في طريقه للقضاء على ظاهرة الإسراف, والاتجاه إلى المجتمع المثالي , الذي يتميز بالتكامل الاجتماعي والتعاون من أجل مستقبل يسعى دائماً إلى مصلحة أجيال الحاضر والمستقبل.