في مطلع هذا الشهر (أكتوبر)، وتزامنا مع اليوم العالمي لكبار السن الذي تتبناه الأممالمتحدة كل عام، كان هناك نقد موجه لنا لغيابنا عن مؤشر «غلوبال إيج واتش» الذي يستقي معلوماته من تقارير الأممالمتحدة والبنك الدولي لتصنيف مستوى الاهتمام بالمسنين. كذلك وصفت عضوة الجمعية الوطنية للمتقاعدين الدكتورة «فوزية أخضر» رعاية وأوضاع المسنين لدينا بالمزرية، وأن مراكز الإيواء ضعيفة، وإمكاناتها محدودة، والرعاية الصحية فيها شبه غائبة، وأن مؤسسات الدولة لا توفر تأمينا صحيا لكبير السن. ومن خلال غياب المعلومات، وما طرحته الدكتورة «فوزية»، تبزغ قضية رعاية المسنين ومأزق تعاطي المجتمع مع دور المسنين كخطيئة تدفع لتأنيب الضمير؛ لأنه يطرح مفهوم عقوق الوالدين أو التفسير القديم له، ولكن هل يستقيم التفسير القديم مع المعاش الآن؟ قبل الإجابة على هذا السؤال، لا بد من سؤال: ما الذي يحتاجه المسن المصاب بأمراض مزمنة؟ يحتاج لمكان خاص يتوفر فيه الأجهزة الطبية الأولية وممرضة تتابع حالته الصحية ومواعيد أدويته، وهذه الاحتياجات تستطيع الطبقة الغنية توفيرها داخل البيت للمسن مهما كان مرضه المزمن، ولكن ماذا عن الغالبية «الطبقة المتوسطة»؟ هم، بالتأكيد، ليس لديهم القدرة الاقتصادية لتوفير كل هذه الرعاية الصحية لمسنيهم داخل المنزل، وهذا ما يجعل وجود دور رعاية للمسنين تقدم خدمات طبية جيدة للمسنين بتكلفة معقولة أمرا يلح على المجتمع ليعمل في هذا الاتجاه. وليحدث هذا، على المجتمع طرح سؤال: هل تقديم رعاية صحية جيدة للوالدين في دار للمسنين يقطنها مسنون حواراتهم الممتعة تدور حول الماضي؛ لأن مستقبلهم أصبح خلف ظهرهم، فيما أنت وفي كل مساء تزوره لتتجاذب معه الحديث، قبل أن تعود لمنزلك وأنت مطمئن بأن مسنك سيجد أفضل رعاية صحية له، يدخل ضمن عقوق الوالدين، أم ضمن تقديم أفضل خدمة صحية للوالدين؟ وعلى الآباء طرح سؤال على أنفسهم: هل الشعور بملكيتك لشيء يولد الأنانية، فلا تفكر بمستقبل من تعتقد أنك تملكه؟ وعلى الجهة المسؤولة عن تنظيم دور رعاية المسنين أن تسأل: هل دفع «300 ألف» في السنة لدار للمسنين تقدم خدمة طبية جيدة مقبول، إذ إن الكاتب وبسبب تخطيطه للمستقبل وجد أن راتب التقاعد لن يغطي المبلغ، وعليه أن يقدم على قرض، والبنوك لا تقرض المتقاعدين؟. [email protected]