بين المثقف والصحافة علاقة وثيقة فهي المنبر الذي كان، ولا يزال، الذي يمارس من خلالها الركض في مساحات التعبير، إذ يحاول المثقف أن يستغلها لصالح طرح رؤاه الفكرية في طيات المجتمع، لذلك ارتبطت الصحافة بالمثقف منذ أول نشأة لها، وربما لولا المثقف لما كانت هناك صحافة في الوطن العربي. في السعودية تحديدا كان للصحافة رابطها الوثيق في بداياتها، حيث قامت على بعض الأسماء الثقافية التي كانت في وقتها. تحولت لاحقا إلى مؤسسات ثقافية وإعلامية وتجارية بعد اتساع مجالاتها فلا فكاك للمثقف من استخدامها حتى هذا الوقت. صحيح أنه زاحمها كثير من الوسائل إلا أنها بقيت في الصدارة حتى الآن. لكن تبقى الصفحات الثقافية في صحفنا السعودية مختزلة في جوانب الأدب لا غيره، وهي مشكلة قديمة راجعة إلى بدايات نشأة الصحافة في السعودية، حيث قامت على أيدي أدباء كان اهتمامهم منصبا أكثر على القضايا الأدبية. تطورت لاحقا وتوسعت الصحافة لشمل كل شيء في الحياة العامة. الآن مفهوم الثقافة أوسع، فكل جوانب الحياة هي في رمزيتها ثقافية حتى في المسائل الرياضية أحيانا. كرة القدم مثلا في جانب منها ثقافة. طبعاً الجوانب الأخرى من الحياة أو الفكر كلها تصب أكثر في القضايا الثقافية: الفلسفة، الدين، الاجتماع، النقد، الفنون، كل جوانب الحياة هي في شكل أو آخر ثقافية، فلم يعد هناك تحديد لإطار ثقافي دون الأطر الأخرى. لكننا نرى الفلسفة في بعض الصحف تفرد لها صفحات في خانة الأفكار. كذلك الدين تفرد له صفحات خاصة في الأقسام الدينية، السينما والفنون البصرية أو السمعية كذلك، كلها لها صفحاتها الخاصة رغم أن كلها تدخل في مفهوم الثقافة الواسع، وهذا راجع كما قلت لمشكلات النشأة الصحفية وارتباط بعضها بالأدباء دون غيرهم. لا مشكلة في أن تنفرد كل ثقافة بصفحة لكن أن يتم اختزال الصفحات الثقافية بالأدب فهذا اختزال ليس في محله ويجعل الصفحات الثقافية هي أضعف ما في الصحيفة للأسف ما هو حاصل الآن في غالب صحفنا.