ارتبطت الثقافة السعودية بالصحافة منذ المثقفين الأوائل والرواد، بل يتعدى ذلك إلى الرواد في النهضة العربية قبل ذلك، حيث كانت الصحافة رافدا من روافدها في تلك الفترة، فكانت المجلات مثل المنار وبعض الصحف كالمؤيد والقبس والأهرام التي مازالت تصدر. هذه الحالة نفسها كانت في الثقافة السعودية حيث صدرت عدد من الصحف والمجلات مثل المنهل والظهران الجديد وأم القرى وغيرها، ثم تتالت الصحف والمجلات حتى صعب علينا إحصاؤها هنا جميعها خاصة مع وجود الصحف الإلكترونية التي أصبحت أكثر من اللازم بمختلف المستويات التي تتفاوت من الجيدة إلى الضعيفة. وارتباط الثقافة السعودية بالصحافة هو ارتباط وثيق جدا حتى صعب على أي مثقف الخروج من هذا الارتباط وليس في ذلك من مشكلة وإنما تنشأ المشكلات من التكريس الثقافي للصحافة بدل أن تكرس الصحافة للثقافة. عدد كبير من المثقفين السعوديين الذين كان لهم بعض النتاج الثقافي المتميز مارسوا العمل الصحفي، وهذه الممارسة ذات وجهين: الوجه الأول وهو نشر نتاجهم، ولولا هذه الصحافة ما كان لنتاجهم أن يظهر لكن الوجه الآخر هو أن كثيرا منهم أحرقته الصحافة حتى لم يعودوا قادرين على الإنتاج الثقافي أو عدم الاستقلالية الثقافية وهنا مكمن الخطورة في الممارسة الصحفية. قليل من استطاع الفكاك من هذه المسألة. برأيي أن المثقف السعودي يحتاج إلى منابر أخرى كثيرة غير المنبر الصحفي، فرغم أهمية الصحافة إلا أنها لم تعد هي صحافة الأمس التي كان الهم الثقافي يأخذ جل عملها إذ زاحمها الكثير من الهموم الأخرى حتى كانت الصفحة الثقافية في الصحف السعودية هي الأضعف للأسف.