ولأن التجربة السعودية الحديثة، تبقى مثار الإعجاب في مسيرتها الطويلة والفريدة، ينبغي علينا أن نفكر في إعادة صياغة الحلم السعودي، بما يليق بها، لتتحول في لحظة تأنٍ، إلى حقيقة واقعة، وليس مجرد استعراض لتاريخ نتعلمه ونعلمه لأبنائنا وأحفادنا في كل يوم. يجدر بنا كمواطنين منتمين لهذه الأرض الطيبة أن نستدعي كل الإمكانيات والأفكار، لنجعل من ذكرى اليوم الوطني، التي حلت الأسبوع الماضي، مناسبة تتجاوز الاحتفالية، إلى تعميق الفكرة في العقول، وتعزيزها بالعمل الجاد، الذي يغرس البذرة الأساسية في القلوب قبل الأرض، لنقطف الثمرة.. من الدرس التاريخي العملاق. لا يكفي أن نكتب مقالات، وتسيل الأحرف، ولكن ينبغي أن نقدم الفكرة المتزامنة بالتنفيذ، لنحول الحلم إلى واقع نعيشه، ونعمل من أجله. مشروع الدولة السعودية الحديثة، كان مجرد فكرة، ربما كانت «إعجازية» بظروف وقتها، وتعقيدات الواقع من حولها، لكن الإرادة التي امتلكها الملك عبد العزيز طيّب الله ثراه تحدت كل الظروف، وقهرت كل الصعاب، ليقدم لنا الدرس الرائد، في صناعة المعجزة. ما معنى أن يحلم رجل؟ ولكن أن يحول حلمه إلى واقع، فهذا هو الإعجاز والتحدي.. خاصة وأن الوضع في شبه الجزيرة العربية وقتها، كان صعباً، بحكم الموروث القبلي، والتعقيد السياسي. هنا نقطة الضوء التي تحولت على يد الملك عبد العزيز، وعدد من رجاله إلى طاقة نور، نشرت ضوءها في جميع الأرجاء، واستطاعت أن تعيد صياغة الواقع، لتصنع المعجزة.. وتولد لنا الدولة السعودية بمقدراتها وأبنائها وإمكانياتها التي حققت هذا الانجاز الكبير. نقطة الضوء تلك، هي بالضبط ما ينبغي علينا أن نتأسى بها، ويضعها كل مواطن منا، نصب عينيه، فتكون القدوة من درس التاريخ البليغ، إلى ممارسة يومية على الأرض، نفكر من اجلها، ونفتح من خلالها طاقات نور أخرى متجددة، نبني بها صروحاً جديدة، لنا جميعاً. إذا كان درس التوحيد، ذكرى حيّة تعيش بيننا، فإنه أيضاً تجربة عملاقة نفتخر بها، وكذلك يُفترض أن يكون تأسيساً لمستقبلٍ تعلم من ماضيه، يعايش ذات الحلم، ويترجمه على الأرض بنفس عزيمة الرجال الأوائل، في كل مجالات العمل الوطني، على كل بقعة من أرض بلادي. ما بين الذكرى، والتجربة والحلم، توجد هويّة وطن، وتتحقق إرادة شعب، وتترسخ منظومة حكم ارتضيناها، ونلتف حولها، معبرين بذلك عن مسيرة نرى ملامحها كل يوم، ونجعل منها رافداً مهماً لكل خطواتنا المقبلة. نريد أن نحلم جميعاً بالأفضل، ونريد أن نحقق هذا الحلم بسواعدنا وعقولنا، بالضبط مثلما كان الدرس الأول. ونحن بكل تأكيد قادرون على صنع ذلك.