تهافت الناس عليهم ليل نهار، يخفف الحرارة التي تلفح أجسادهم، لاقترابهم مباشرة من اللهب، يبدأون نشاطهم بشروق الشمس يوميا، ويستمرون حتى ساعات متأخرة من الليل، بعد فترة راحة يتمتعون بها منتصف اليوم، إنهم باعة الفول والخبز (التميس)، فدائما ما تكون علاقتهم بزبائنهم وطيدة وحميمة، تمتد لسنوات عدة. الفوال عبدالفتاح وصف عمله بأنه مرهق فقبل بزوغ الفجر يعد الفول على جرته ويسعى لأن يكون جاهزا بعد صلاة الفجر مباشرة خلال الأيام العادية أما في شهر رمضان فتجهيز الفول وملحقاته يكون قبل العصر نظرا للاقبال الشديد على شرائه من بعد العصر حتى قبيل أذان المغرب. ويضيف عبدالفتاح بأنه يقوم باعداد الملحقات الخاصة ببيع الفول من سمن وزيت وسلطة وطحينة وملح وخلافه ليكون طعم الفول الذي يبيعه شهيا ويحفز زبائنه على العودة اليه مرات عديدة. وربط عبدالفتاح طعم الفول اللذيذ بدرجة حرارته العالية لذلك فالنار لا تنطفئ تحت الجرة بل تخفف تدريجيا كلما ارتفعت حرارة الفول في الجرة. ويبقى التميس من الوجبات التي لم تقل نسبة الاقبال عليها طوال العقود الماضية فما زالت مبيعاته ثابتة ان لم تكن متصاعدة. شمس.. خباز التميس الذي يعمل في هذه الحرفة منذ عقد ونصف العقد وصف عمله بالشاق حيث يصحو مبكرا لإعداد عجينة التميس ومن ثم وضعها في صناديق خشبية بشكل منظم ثم اشعال التنور وبعد ذلك يقوم بوضع عجينة التميس في التنور بحسب طلب الزبون. وأبان شمس ان الزبون يطلب أنواعا من التميس منه التميس العادي والنوع الآخر بالسمسم وغير ذلك من الأنواع، كما ذكر شمس بأن هناك نوعا من التميس اسمه «الملبلب» وهو المشتمل على شكل كبير من العجين وآخر تلك الأنواع هو تميس البسكويت والذي يلقى رواجا جيدا جدا عند الزبائن، ملمحا إلى أنهم في السنوات العشر الأخيرة ابتكروا تميس الجبن. وعن مضايقة النار له في عمله قال شمس: لدي قطعة من القماش كما ترى وهي رفيقتي طوال فترة العمل حيث اجفف بها عرقي المتساقط ثم أذهب بها الى المنزل وأقوم بغسلها ومن ثم استخدامها في اليوم التالي وهكذا. واعتبر شمس فصل الصيف وشهر رمضان من المواسم الجيدة بالنسبة له حيث يقوم الشباب بالسهر حتى بعد صلاة الفجر ومن ثم يحضرون للافطار بوجبة التميس والفول باعداد كبيرة أما قبل الافطار في شهر رمضان فالزحام يبلغ أشده والمبيعات تكون في أفضل حالاتها في هذا الشهر المبارك.