أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أن المملكة بقيت متمسكة بمبادئها بوصفها مهبط الإسلام، تعلو وترتقي بشرف مكانتها فوق كل أشكال الصراعات، التي تشوه الدين وتمزق المجتمع. وأشار في كلمة لدى زيارته منظمة اليونسكو أمس، إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز يولي اهتماما كبيرا بتعزيز ثقافة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات. وفيما يلي كلمة سموه: معالي السيدة إرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة اليونسكو أصحاب السعادة السفراء والمندوبين الدائمين لدى المنظمة السيدات والسادة يسعدني اليوم أن أكون متحدثا على منصة منظمة اليونسكو، هذه المنظمة العريقة، التي تستهدف المساهمة في صون السلم والأمن بالعمل عن طريق التربية والتعليم والثقافة لتوثيق عرى التعاون بين الأمم، والإسهام في تربية النشء على القيم الإنسانية المشتركة، وعلى مفاهيم ثقافة الحوار، والسلام، والتنمية، وبما يحقق العيش المشترك. أيها الاصدقاء: لم تكن المملكة العربية السعودية غائبة عن اليونسكو منذ نشأتها، إذ وقعت على ميثاقها التأسيسي، واستمرت العلاقة معها حتى اليوم، حيث يولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اهتماما كبيرا بتعزيز ثقافة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، حيث بادر حفظه الله بإنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وذلك من منطلق المبادئ والقيم الإسلامية المتمثلة في التسامح والاعتدال والحوار ونبذ العنف، ولقد بقيت المملكة متمسكة بمبادئها بوصفها مهبط الإسلام، تعلو وترتقي بشرف مكانتها فوق كل أشكال الصراعات، التي تشوه الدين وتمزق المجتمع. وأنتهز فرصة وجودي في مقر المنظمة لأشيد مجددا بالخطوة المهمة التي اتخذتها اليونسكو من بين المنظمات الدولية كافة، حين صوت أعضاؤها لمنح فلسطين العضوية الكاملة في المنظمة، وهي خطوة تنسجم مع قيم اليونسكو، التي ظلت تنادي بها منذ تأسيسها، في احترام الدول، والشعوب، وصون الحقوق، ورفض العدوان على الكرامة الانسانية. وامتدادا لمبادرة اليونسكو النبيلة في دعم الحقوق الفلسطينية، فإننا ندعو المنظمة إلى تفعيل قراراتها الدولية بشأن حماية المسجد الأقصى الشريف من التخريب والاعتداء الإسرائيلي الذي يطاله كل يوم، وحماية كل الآثار والكنوز الحضارية الغالية علينا جميعا في أرض فلسطين. ولا أنسى في هذا المقام أن أثمن بكل تقدير لليونسكو تخصيص احتفالية (اليوم العالمي للغة العربية) مما يعني الوعي بقيمة اللغة العربية وأهميتها الحضارية. السيدات والسادة لا يفوتني أن أعبر عن امتنان المملكة لما تحقق خلال السنوات القليلة الماضية من النجاح في توثيق العلاقة بينها وبين اليونسكو في كافة اختصاصات المنظمة، وأخص بذلك، تسجيل مواقع: مدائن صالح، والدرعية القديمة، ومؤخرا جدة التاريخية في لائحة التراث العالمي. وختاما.. أتمنى لكم ولهذه المنظمة الممثلة لوجدان العالم، كل التوفيق في تحقيق الأهداف الإنسانية والأخلاقية التي ننشدها جميعا في هذا الكون الفسيح. وكان سموه قد زار في باريس أمس منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو». وكان في استقباله لدى وصوله مدير عام منظمة «اليونسكو» السيدة أرينا بوكوفا ورئيس المجلس التنفيذي في المنظمة الدكتور محمد سامح ومساعد مدير عام المنظمة للعلاقات الخارجية اريك فالت ومندوب المملكة الدائم لدى اليونسكو الدكتور زياد الدريس ومساعدو مدير المنظمة وكبار المسؤولين فيها وسط ترحيب بسموه أديت خلاله العرضة السعودية بتنظيم من وزارة الثقافة والإعلام. وفور دخول سمو ولي العهد قاعة الاحتفالات باليونسكو قوبل بترحيب من الحضور كما بادلهم سموه التحية. وبعد أن أخذ سمو ولي العهد مكانه في الحفل شاهد والحضور فيلما وثائقيا عن تاريخ نشأة العلاقة وتطورها بين المملكة ومنظمة اليونسكو. ثم ألقى مندوب المملكة الدائم لدى اليونسكو كلمة استعرض خلالها دور منظمة اليونسكو حيث تلتقي الثقافات واللغات والانتماءات الدينية والقومية والوطنية تحت سقف واحد في نموذج مصغر للعالم الذي نتمناه وننشده، مشيرا إلى السلام الذي تنشده المنظمة في كل أنحاء العالم. وأكد تنوع البرامج السعودية في اليونسكو بكافة تخصصاتها، ليبني الشريكان علاقة حضارية تنسجم مع مبادئ وقيم الطرفين. وقال: هنا أصبحت فلسطين لأول مرة دولة عضو كامل العضوية في منظمة دولية قبل ثلاثة أعوام، بإسهام كبير من هذه السيدة النبيلة، ولا عجب، فإذا لم يعترف الضمير بحق شعب في أن يكون له دولة، فهل سيفعل ذلك غيره. وأضاف: هنا المملكة العربية السعودية.. قبلة العالم، حيث مكةالمكرمة القبلة التعبدية لملايين المسلمين والقبلة الحضارية لملايين ملايين البشر الذين عرفوا الإسلام وآمنوا بقيمه وتأثروا بثقافته وأسهموا في حضارته حتى وهم من غير المسلمين، أتحدث عن الإسلام الحقيقي النقي، لا الإسلام الذي تسمعون عنه في نشرات الأخبار الآن، الإسلام الذي جاء ليحيي الإنسان لا ليقتله، ولأجل هذه الرسالة قامت المملكة العربية السعودية، التي يمثلها هذا الأمير الكبير، على مهبط الإسلام لتخدم مبادئ السلام. بعد ذلك ألقت مديرة عام المنظمة السيدة أرينا بوكوفا كلمة رحبت في بدايتها بسمو ولي العهد وتشرف المنظمة بهذه الزيارة التي تعدها اليونسكو امتدادا لدعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ودعمه الكبير والمستمر للمنظمة. وعبرت عن اعتزاز المنظمة بالتعاون الوثيق مع المملكة واستشراف خادم الحرمين الشريفين الأمن العالمي والتعايش السلمي من خلال إنشاء مركز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات رغبة منه في السلام. بعد ذلك تسلم سمو ولي العهد نسخة من وثيقة وقعها الملك عبدالعزيز رحمه الله لانضمام المملكة لليونسكو. ثم توجه سمو ولي العهد إلى صالة الاستقبال الرئيسة في المنظمة حيث شارك سموه في العرضة السعودية. كما صافح سمو ولي العهد سفراء الدول دائمة العضوية في اليونسكو. عقب ذلك سجل سموه كلمة في الكتاب الذهبي لليونسكو جاء فيها: أسعدتني زيارة هذه المنظمة التي تعمل على الحوار بين الحضارات والشعوب في مسعى إنساني ثقافي خير. لقد دأبت المملكة العربية السعودية منذ مشاركتها في تأسيس هذه المنظمة العريقة عام 1945م على الإسهام بفاعلية في مسيرتها الخيرة، واستمرت وستستمر بحول الله في جهودها الداعمة لليونسكو لما فيه الخير. أتمنى التوفيق لجميع العاملين في اليونسكو. بعد ذلك غادر الأمير سلمان بن عبدالعزيز وسط احتفاء بزيارته للمنظمة. من جهتهم، أكد عدد من المندوبين الدائمين في اليونسكو، أن خطاب الأمير سلمان بن عبد العزيز أعطى رسائل عميقة للمجتمع الدولي تؤكد أن الإسلام دين تسامح واعتدال وليس دين غلو وتطرف. ونوه الحضور بكلمة ولي العهد، مؤكدين مؤازرتهم للمملكة في حربها ضد الإرهاب، وقالوا إن العالم معني بهذه الحرب، حسب ما أفاد مندوبا الدومينيكان وأسبانيا.. واعتبر المندوب الدائم لتونس عبد الله النعيمي، خطاب ولي العهد رسالة تحمل الكثير من المعاني، أولها نبذ العنف ومحاربة الإرهاب، والتأكيد على أن الإسلام في جوهره دين تعايش وأنه لا يدعو للكراهية والضغينة. فيما أكدت مندوبة الأردن دينا قعور، أنه حان الوقت للوقوف صفا واحدا لمحاربة الخطر الذي يهدد العالم العربي والعالم بأسره... وأضافت: إن الأمير سلمان بن عبد العزيز أكد على أن قبول الآخر هو الحل الأمثل للتعايش.