هي أزمة تتجدد كل عام بلا حل، مع بدء كل عام دراسي ويدفع الأطفال ثمن سلبيات التربية بعيدا عن الأم، مع انتشار الحديث عن جرائم الخادمات وفظائعهن المعروفة.. الامهات يتكبدن المشقة والتعب بين البيت والمدرسة واطفالهن اسرى عند خادمات غريبات. أدراج الرياح تبخرت آمال الأمهات العاملات في إنشاء حضانات بالمدارس لرعاية أبنائهن، وذهبت مطالبهن أدراج الرياح لعام جديد – يبدو أنه لن يكون الأخير – وسط صمت من المسؤولين في الوزارة ووعود براقة لا تنفذ على أرض الواقع. اذ لم تتمخض وعود الوزارة وشؤون تعليم البنات منذ عامين عن شيء يذكر، بعد أن اعلن ان الوزارة تدرس مقترح إنشاء حضانات أطفال بمدارس التعليم العام. قرار الشورى شريحة من المعلمات في عسير يترقبن مع انطلاق العام الدراسي نتائج قرارات مجلس الشورى التي أصدرها قبل عامين تقريبا حيث طالب الشورى وزارة التربية والتعليم بضرورة إعطاء الأولوية في مشروعاتها ومعالجتها لمعاناة المعلمات والإسراع في تنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي بشمول المعلمات لمشروع النقل المدرسي، وتخصيص حضانات في المدارس ما أمكن وفي الأحياء داخل وخارج المدن لحضانة أطفال المعلمات والموظفات وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في ذلك. يشار الى ان مجلس الشورى كان قد أقر توصيات لجنة الشؤون التعليمية على تقرير سنوي لوزارة التربية وشدد على رفع تأهيل المعلمين والمعلمات بشكل سنوي وزيادة الاهتمام ببرامج التدريب وتعزيز البنود الخاصة بذلك في ميزانية الوزارة. كما نبه المجلس في قراراته بشأن تقرير وزارة التربية والتعليم على أن تقوم الوزارة بمراعاة ظروف المدارس عند صدور التعيينات الجديدة أو نقل المعلمين حتى لا تتسبب في نقص الأداء التعليمي بالمدارس الأهلية والحكومية. في السياق ذاته، شرعت بعض المعلمات بعسير في انشاء حضانات خلال الأيام القليلة الماضية في مدارسهم بجهود شخصية من المعلمات والإداريات، لاصطحاب أطفالهن معهن خلال ساعات الدوام الرسمية، وذلك بعد ارتفاع حالات القلق والغياب عن الدوام بين أوساط المعلمات وكذلك ازدياد حالات العنف ضد الاطفال من الخادمات. وجاء تأسيس هذه الحضانات في أعقاب الحادثة التي هزت أوساط المجتمع في 1433ه، وكانت ضحيتها الطفلة البريئة «تالا» التي لم تتجاوز الأربعة أعوام، وذلك بعد أن فصلت العاملة الاسيوية «كارني» رأسها عن جسدها أثناء تواجد والدتها المعلمة في المدرسة. وفي العام ذاته، عكف عدد من المعلمات على إطلاق حملة (آخذ طفلي معي)، لمطالبة وزارة التربية والتعليم بإصدار قرار يقضي بفتح حضانات رسمية في المدارس، وتعيين موظفات سعوديات متخصصات في الحضانة ورياض الأطفال. وتتساءل المعلمات أين يذهبن بفلذات اكبادهن؟ حيث إن بعضهن ليست من أهل المنطقة والبعض الآخر يرفض زوجها وجود الخادمة في منزله، ويناشدن الجهات المسؤولة اتخاذ الاجراءات اللازمة واعادة فتح الحضانة دون قيد أو شرط. طبقا لإحصائيات وزارة التربية والتعليم في العام 1433ه فإن عدد الحضانات والروضات في عموم المملكة لا يتجاوز 166 روضة أطفال مقارنة ب17695 مدرسة تعليم عام لجميع المراحل. وربط الأخصائي النفسي محمود بو صالح كفاءة المرأة العاملة وزيادة إنتاجيتها بالعمل إلى الراحة والاطمئنان النفسي التي تشعر بها، وقال «لن يحدث ذلك إن لم توفر لهن الدولة سبل الراحة، ومن أهمها في نظر العاملات الأمهات وجود حضانة داخل مقر عملهن، فحين يعاني الطفل من أي أعراض سواء كانت مرضية أو نفسية في فترة الحضانة والتي تقدر بالسن ما قبل الدراسة فستكون الأم في صراع داخلي كيف تترك طفلها في يد عاملة منزلية غير مؤهلة أو حضانات لا تثق بها». حالة قلق بو صالح يضيف انه حتى وإن توفرت حضانات داخل الأحياء فالأم الموظفة ستظل في حالة قلق ما لم يكن طفلها أمام عينيها خصوصا في فترة الرضاعة والتي يحق لها أن تمنح ساعة من عملها لذلك، وهذا ما يحتم وجود حضانات داخل مقار العمل ما يرفع من مستوى وعطاء الموظفة، ويبعث في نفسها الراحة، وينعكس على سلوكها العاطفي، وبالتالي يحد من غيابها. وأضاف أن وجود حضانات نموذجية داخل الأحياء مدروسة بطرق علمية بعيدة عن التجارة سيؤدي الغرض المأمول شريطة قيامها بدور تدريبي وتعليمي وترفيهي وتأهيلي، وتكون مجهزة بالكامل بكوادر متدربة ومؤهلة وعلى قدر عال من الأمانة والثقة.