ليس من قبيل المصادفة، أن كلمة المليك القائد، عبدالله بن عبدالعزيز، والتي لم يكتف فيها بتحذير قادة العالم، من أن خطر الإرهاب سيمتد إلى أميركا وأوروبا، في حال لم يتحد هذا العالم في محاربته. بل أشار أيضا إلى تأكده من «أنه سيصل إلى أوروبا بعد شهر، وإلى أمريكا بعد شهرين»، تواكبها زيارة مهمة قام بها، سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز، منذ أيام، إلى قلب أوروبا في باريس. بين تحذير المليك، الذي جاء خلال استقباله عددا من السفراء المعتمدين في المملكة، وبين زيارة ولي العهد لدولة محورية كفرنسا، رابط مشترك، يخرج عن إطار العلاقات الثنائية والبروتوكول وغيرهما، ليصب في قالب التحرك السعودي، دوليا، ليس بمجرد رفع راية التأهب والتحذير من خطر السكوت على ظاهرة الإرهاب، ولكن أيضا بتحرك سعودي على الأرض، يدعم الفكرة الأساسية من دولة اكتوت بنار التيار الظلامي، في وقت كانت فيه معظم العواصم تتفرج، وتكتفي بعبارات الشجب والتنديد. الرسالة السعودية، التي جاءت على لسان القائد عبدالله بن عبدالعزيز، وفي مجمل زيارة الأمير سلمان، تعيدنا إلى عبارة لا ينبغي أن تمر مرور الكرام، قالها المليك، وهي إن محاربة الإرهاب تحتاج «السرعة والعقل والقوة»، وهذا هو المثلث الحقيقي الذي ينبغي أن نفكر فيه بجدية، ويتعظ منه العالم، خاصة وأن المملكة نفسها، قدمت للعالم المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، في بادرة تستوجب التكاتف الدولي لمواجهة الخطر الذي لن يستثني أحدا. وكلنا شاهدنا الآثار المدمرة، للتخاذل الدولي في سورية والعراق وليبيا، وما أنتجه هذا التخاذل من تفش لميليشيات تكفيرية وإرهابية، لعل أبرزها تنظيم «داعش»، الذي بات خليفة منطقية لتنظيم «القاعدة» بشكل هو الأسوأ والأقبح، أنتج لنا مشاهد غير إنسانية، ليس لها سابقة في التاريخ الحديث، مثل قطع الرؤوس واغتصاب الفتيات، وتهجير المسالمين وترهيبهم. الرسالة السعودية، التي نددت بصمت العالم، وعدم تفاعله، لم تأت من فراغ، ولكن ربما لم يفهم كثيرون، أنها وإن صدرت من قلعة الإسلام في المملكة العربية السعودية، وعلى يد قيادة المملكة، إلا أنها أيضا جاءت لتبرئة الذمة، بالقول والعمل، أمام التاريخ، انتصارا لحق الإسلام علينا، كدين للتسامح والرحمة أولا، وانحيازا لحق الإنسان ثانيا في العيش الكريم، في الحياة، والتقدير الكريم عند الموت، وليس كما نرى ونسمع من مزاعم وشعارات، ليست من الأديان السماوية، وأولهم الإسلام، من شيء، كما أنها ليست من أي شريعة أو قانون أو عرف عام. يبقى فقط.. أن يفهم العالم ويتعظ، قبل أن يصل الخطر إلى عقر داره.