للشاعر عبدالكريم الحبيطي رحمه الله شعر حكمة ومن قصيدة شهيرة تحكي صراع أخوين وأبناؤهما على المشيخة (ما بقي لي وله من جميع ما نملكه غير الشياخة، كل شي بالنصيفة بيننا والشياخة لي ولك، خذت مشلح وعندي خيزرانة وصرت آنا العريفة، ثم جا أولادنا كل يقل والله آنا أولى بها، لن يا غارة الله جارت أعلامنا فيمن نصيح، لاطلعنا على المدماك من عاد ياجي بالحصى) قديما كان بناء بيوت الحجر يقوم على الباني المرتفع واثنين ملقفين في الوسط وعامل متخصص في تقريب الحجارة للملقفين لرفعها على المدماك، والمشيخة المألوفة والمعروفة عبر تاريخنا المضيء تنحصر في شيخ القبيلة كونه مرجعية معرفية تشتهر بالحكمة والكرم والاعتبار، وجاءت الطفرة المالية فأصبح وصف المشيخة أوسع بدخول (شيوخ المال) على الخط، وجاءت الصحوة فاتسع الوصف على الواصف وزاد عدد الشيوخ علما بأن آباءنا وأجدادنا يطلقون على المتدين (فقيه) حفظا لمقامات الناس ولكي لا تختلط الأمور، المشيخة لها ضريبة وما كل إنسان في زمن مضى يجرؤ على طلبها أو السعي لنيلها، وما من طلب الشياخة نالها، والله رفع الناس فوق بعضهم درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ، ومما يروى أن طائر القمري جاع في الشتاء فاستغاث بالنملة لتفزع له بحبات قمح من مخزنها العامر فردت النملة : لن تنال مني ولا حبة لأني طيلة الصيف أجمع مؤنة الشتاء وأنت مشغول بالطبرقة والزبرقة فوق الأغصان، كان إمام قريتنا شاعر عرضة وله قصائد غزلية فاتنة منها قصيدة لعب مع الأعمى يقول فيها (لي صاحب كان من قدام ولعون ولعون، واليوم لو كان يتعب خاطره ما اتعب آنا، إن كان في فيق يا أهل الرازقي ما تمصخون، من قبل تاجي له أم كنيف والبيرمانا)، واحتج عليه مجموعة عند العريفة وأنه غير صالح للإمامة لأنه غزلي فرد الحكيم (رقعة الثوب منه فيه، وزكاة الجرباء من طرفها).. جمعة مباركة.