قبيل صدور أمر خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بالموافقة على برنامج العمل التنفيذي لدعم تحقيق أهداف مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام في المملكة لمدة خمس سنوات بما يزيد إجمالي تكلفته على 80 مليار ريال.. سألت سمو الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم في مجلسه العامر عن غياب مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام عن المشهد التعليمي.. حيث لا نكاد نسمع عنه ولم نلمس له أثرا رغم أهميته القصوى والآمال الكبيرة المعقودة عليه للنهوض بالتعليم العام في البلاد. وأضفت قائلا: لقد دخلت على الموقع الاليكتروني للمشروع ولم أعثر فيه على معطيات تتفق مع أهميته.. لم أر فيه سوى عموميات وأمنيات جميلة فقط !!. أجاب سموه: آمل أن تمنحوني بعض الوقت وأن تصبروا قليلا.. وأكرر القول أعطوني عاما.. وإذا وجدت نفسي غير قادر على تقديم شيء سوف أترك مكاني.. ولم تمضِ سوى أيام معدودات حتى صدر أمر خادم الحرمين الشريفين المتضمن اعتماد الخطة التنفيذية والميزانية الضخمة للمشروع. ويعكس هذا الأمر التاريخي الكريم حقائق عدة يمكن إجمالها في التالي: إن المولى سبحانه وتعالى قيض لهذه الأمة المباركة قائدا استثنائيا فذا يدرك أن (التعليم) هو أساس أي نهضة ومحور أي تنمية وتطور.. وأن تحقيق استراتيجية (التحول إلى مجتمع معرفي) التي تبنتها المملكة لن تتحقق دون وجود تعليم جيد.. يعلم ويربي ويخلق الشخصية الفاعلة السوية المسلحة بروافد العلم والمعرفة والمهارة. فلقد أصاب قائد الأمة يحفظه الله في اختيار الأمير خالد الفيصل لتولي مهمة الإصلاح والتطوير في أهم قطاعات البناء. ولقد صدر أمر خادم الحرمين الشريفين التاريخي في زمن قياسي لم يتجاوز الشهرين منذ رفعه من وزارة التربية والتعليم الأمر الذي يعكس اهتمامه حفظه الله بأمر تطوير هذا القطاع الحيوي الهام. إن القراءة المتأنية لمضامين برنامج العمل التنفيذي يجسد شمولية العمل التطويري للتعليم كمنظومة متكاملة حيث شمل البنية التحتية بما فيها المباني والتجهيزات والمناهج والمعلم والأنشطة اللاصفية التي تحقق الهدف التربوي وبناء الشخصية.. وغيرها من الجوانب التي تشمل العمل التنظيمي.. وهذا ما يحقق التطوير المأمول الذي يصعب بلوغه بترك جانب دون الآخر. إن صدور الأمر الكريم ارتبط بالتنفيذ الفوري.. حيث رصدت الميزانية.. وبدأ الشروع في العمل الفعلي. الأمير خالد الفيصل.. أشار إلى أن هناك (هيكلة تنظيمية) لوزارة التربية والتعليم في طريقها إلى الاعتماد الرسمي قريبا.. وهذا ما كنت أنتظره.. إذ إن تنفيذ هذا المشروع الضخم يتطلب تغييرا تنظيميا واسعا. ولم يقتصر الأمر على ذلك بل إن سموه أشار إلى أن هناك (نظاما للتعليم) جديدا سوف يصدر هو الآخر قريبا إن شاء الله.. ليحل محل نظام التعليم الحالي الذي عفى عليه الزمن.. ولم يتغير منذ نحو أربعين عاما مضت !!. إن هذه التطورات التاريخية التي يشهدها قطاع التعليم في المملكة.. هي التي سوف تسهم في تحقيق التحول الحضاري المأمول.. لاسيما ونحن نعيش في ظل معطيات العولمة والقرية الكونية Gobal Village .. ويبقى التحدي الأكبر متمثلا في الجانب التنفيذي لهذه المعطيات الضخمة لهذا القرار التاريخي.. ذلك أن حجم العمل سيكون في تصوري أكبر من إمكانيات جهاز الوزارة.. الأمر الذي يتطلب الاستعانة ببيوت الخبرة العالمية والشركات المختصة من الدول المتقدمة بما لها من رصيد خبرة ووافر إمكانيات. إن المملكة تعد وفق إحصائيات (البنك الدولي) أكثر دول العالم إنفاقا على التعليم حاليا.. ولكن مخرجات التعليم العام لازالت دون مستوى ما ينفق على التعليم.. والأمل يحدونا في أن تتغير المعادلة وتصبح مخرجات التعليم العام على مستوى عال من التفوق. وأخيرا.. أقول إنه لم يمضِ على تولي سمو الأمير خالد الفيصل سوى ما يقارب الستة أشهر .. وهي فترة زمنية محدودة لوزارة بهذا الحجم وبهذه التراكمات المتواكبة.. وهذا ما يبشر بمستقبل زاهر للتعليم في البلاد.. ذلك أن التطور المنشود لن يتحقق سوى بتعليم متطور. والأمير خالد لا يتولى مكانا إلا ويصنع فيه المنجزات ويترك فيه بصمات مضيئة.. وها هو يبدأ الإنجاز في الوزارة العتيقة. ولا نملك سوى أن ندعو الله سبحانه وتعالى أن يوفق سموه لتحقيق تطلعات القيادة والأمة.. وأن نقف معه ليسير بالعمل دون إلتفات لإرجاف من عطلوا مسيرة التنمية والبناء بأفكارهم البالية.