أود ابتداء أن أعبِّر عن خالص التقدير والاعتزاز لصاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله آل سعود وزير التربية والتعليم السابق على الجهود المخلصة والكبيرة التي بذلها إبان توليه حقيبة وزارة التربية والتعليم. ويمكن اعتبار تولي سمو الأمير خالد الفيصل هذه الوزارة.. نقلة نوعية طال انتظارها في مسيرة التعليم العالي.. بالنظر إلى مكانته وقدراته الفكرية والقيادية ومنجزاته ورصيد الخبرة العملية الثري الذي يملكه. في ذات الوقت الذي نعيش فيه معضلة متمثلة في أن الدولة وعلى مدى السنوات الماضية تنفق أموالا طائلة على التعليم العام بما يمثل ربع الميزانية العامة سنوياً.. ومع هذا لازال مستوى جودة التعليم ومناهجه ومخرجاته دون المستوى المأمول.. وذلك مثبت بدراسات علمية ووقائع ميدانية. والتعليم – كما هو معروف – يعد الركيزة الأساسية لأي نمو أو تطور.. ولذلك حرص خادم الحرمين الشريفين على دعمه والاهتمام به والإنفاق بسخاء عليه.. ولقد أطلق برنامج الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم «تطوير».. ورصد له 9 مليارات ريال. ولكننا لم نجد له حتى الآن نتائج ملموسة.. رغم الآمال الكبيرة المعقودة عليه. والأمير خالد الفيصل من الشخصيات التي لا تمر على مكان إلا وتصنع تاريخاً وتقيم منجزات وتحدث تطويراً. فهو رجل يملك «رؤية» بأبعاد استراتيجية.. ويتمتع بالقدرة على تحريك الفعاليات وتجنيد الإمكانيات لتحويلها إلى واقع معاش.. وهذا ما يحتاجه قطاع التعليم. ولعل ما صنعه في منطقة مكةالمكرمة ماثل أمام أعيننا فلقد تحولت مدن المنطقة إلى ورش عمل في إطار إستراتيجية استهل بها مسيرة البناء والنماء في المنطقة. فبعد أكثر من عقدين من عمر الزمن توقفت فيهما عجلة التنمية في منطقة مكةالمكرمة، عمَّت باهتمام خادم الحرمين الشريفين ثم بجهود الأمير خالد مشاريع التنمية مختلف أرجاء المنطقة في جميع القطاعات والمجالات. ولهذا فإن شعور أهالي المنطقة بخسارة انتقال الأمير.. ذلك أنه بدأ في المنطقة مشروعاً تنموياً ضخماً لم يكتمل بعد.. ولكن ما يعوضه أن خلفه الأمير مشعل بن عبدالله قادم برصيد النجاح الكبير الذي حققه في مهامه السابقة وبفكر مستنير عرف به. كما أن الأمير خالد الفيصل ينتقل ليتولى أهم قطاعات البناء والنماء.. ألا وهو التعليم.. فلا تنمية ولا تطور بدون تعليم جيد.. وبالتعليم الجيد استطاعت الدول المتطورة بلوغ أهدافها حتى تلك التي لا تمتلك موارد طبيعية وخير مثال عليها اليابان وكوريا وغيرهما. ندرك تماماً أن المهمة شائكة وصعبة ومعقدة ولها تراكماتها السالبة.. ولكننا في ذات الوقت نعرف أن الأمير خالد الفيصل من الشخصيات التي تسعى إلى تحقيق أهدافها بقوة وإصرار وإمكانية تجاوز العقبات وكسر حاجز المعوقات.. الأمير خالد لديه الشخصية القادرة على كبح جماح من يستمرئ تعطيل عجلة التنمية التعليمية.. وسحبها إلى الوراء.. في عالم يموج بالتطورات العلمية المذهلة.. التي يتخلف عن الركب العالمي من لا يواكبها بالسرعة الممكنة. ولا ريب أن مشاكل التعليم تمتد من مناهج تحتاج إلى غربلة ونقلة نوعية في مضامينها بما يواكب التطورات العالمية مع التركيز الأساسي على الجوانب العلمية (العلوم والرياضيات والتقنيات واللغة العالمية). وكذلك القصور الواضح في البنية التحتية ممثلة في المباني المدرسية.. وهذا القصور يحدث رغم ضخامة ميزانية الوزارة!!. ومن أبرز جوانب القصور أن الجانب التربوي من مهام الوزارة غائب عن دائرة الاهتمام.. رغم أن الوزارة هي وزارة تربية وتعليم!! ومن مشاكل التعليم ضعف المستوى العلمي والتربوي للكثير من المعلمين.. الأمر الذي يستوجب إعادة النظر في عملية إعداد المعلم وتأهيله لممارسة المهنة.. ووضع معايير علمية وشخصية وسلوكية للقبول في هذه المهنة النبيلة. والحديث يطول.. ولكنني أختصر القول بأن: التعليم فكر.. والفكر خالد.. فهو المؤمن بالانفتاح الفكري والنمو المعرفي. وقرار توليه يعكس حكمة القيادة، فهو قرار يصب في مصلحة الوطن وإنسانه بمشيئة الله تعالى.