تلقيت سؤالا حول رأيي في ما نشرته الصحف نقلا عن منظمة الصحة العالمية حيال معدلات الأطباء وهيئة التمريض إلى عدد السكان في المملكة، مقارنة بمتوسط المعدل في أوروبا وفي العالم. خلاصة ما ذكر هو أننا في حاجة إلى 15 ألف طبيب و15 ألف ممرض وممرضة لنبلغ المعدل العالمي، أما إذا أردنا أن نصل إلى المعدل الأوروبي فنحتاج إلى 78 ألف طبيب و175 ألف ممرض وممرضة إضافة إلى ماهو موجود حاليا. سبق أن استعرضت في «في ركني» احتياجاتنا المستقبلية إلى الأطباء وبقية أفراد الفريق الصحي وبالتحديد في عام 2030م. وقلت فيما قلت إن العبرة في تحقيق مستوى عال من الصحة لا تكمن فقط في أعداد العاملين من أطباء وغيرهم من أعضاء الفريق الصحي ولا في عدد المستشفيات ولا في عدد الأسرة ولا في مقدار ما يصرف على صحة الفرد. قد يكون لدينا ما يزيد من هذا وذاك على المعدلات العالمية، بيد أن تحقيق مستوى عال من الرعاية الصحية يظل رهينا بطريقة إدارة المصادر المالية والبشرية، وتوزيعها الجغرافي، وتحقيق التوازن بين الخدمات العلاجية والوقائية، وعلى الوقاية بين المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، وفيما لو كانت المراكز الصحية تركز على علاج المرض أم تتسع خدماتها لتشمل رعاية الأمومة والطفولة والتثقيف الصحي وصحة البيئة، وهل تخرج بخدماتها إلى المجتمع لتسهم في تطويره أم تنحصر خدماتها بين جدرانها، وهل يسهم أفراد مختارون متطوعون من المجتمع في تخطيط وتنفيذ ومتابعة وتقييم الخدمات الصحية في مجتمعاتهم أم هم يؤمون المستشفيات والمراكز الصحية طلبا للعلاج فقط، وهل ترانا نجمع في برامج الرعاية الصحية بين تحقيق احتياجات السكان وطلباتهم أم ترانا نركز على تلبية طلباتهم ( والتي في كثير من الأحيان لا تمثل احتياجاتهم الحقيقية) ؟. أفضل مثل يمكنني أن أضربه هنا هو المقارنة بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوماليزيا (تبعا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية). الولاياتالمتحدةالأمريكية تصرف على الفرد الواحد عشرة أضعاف ما تصرفه ماليزيا، ولديها معدل أطباء (3) أضعاف معدل الأطباء في ماليزيا، كما أن معدل أسرة المستشفيات للسكان لديها ضعف المعدل في ماليزيا. ولكن إذا نظرنا إلى معدل وفيات الأطفال الرضع وهو واحد من أهم مقاييس الرعاية الصحية فنجد أن المعدل في ماليزيا أفضل مما هو عليه في الولاياتالمتحدةالأمريكية.. مرة أخرى العبرة بمدى الاستفادة من الإمكانات البشرية والمالية الصحية التي لدينا، بما في ذلك التخطيط العلمي والأهداف المحددة والأولويات المقننة والقوى البشرية المدربة.