يبلغ حد السرف ما يستعد به بعض الناس لضيوفهم من ألوان الطعام ، ومن المؤلم أن الغالبية منهم يتجاهلون إرسالها للجمعيات الخيرية أو الأربطة التي تستقبل الفائض من طعام الحفلات بكثير من المودة والتقدير لتقديمه لنزلاء الأربطة أو المسجلة أسماؤهم بالجمعية الخيرية. ولقد سبق أن أخبرني صديق أنه قبل بضع سنوات دخل مطعما في صنعاء فلاحظ في الشارع طابورا من الرجال والنساء فسأل : من هؤلاء؟ فقيل له : ينتظرون بعد أن يفرغ الزبائن من الأكل كي يعطيهم المطعم الباقي. إن الطعام نعمة من الرزاق الكريم سبحانه وتعالى لذا يجب المحافظة عليه ومن عاداتنا اليومية الشائعة أننا نقوم بإلقاء فضلات الأطعمة الزائدة عن الحاجة، رغم ما جاء في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان). وقال صلى الله عليه وسلم : ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به.. والمفهوم من هذا الحديث أن المسلم لا يكون إيمانه كاملا إذا بات شبعان وجاره المؤمن لا يجد ما يسد به جوعه وهو عالم بحاله، فإذا كان هذا حال من علم به ولم يمد له يد العون وهو قادر على ذلك ؟. وفيما نشرته صحيفة «المدينة» في 15/4/1435ه تحت عنوان : (السعوديون يلقون 440 طن أرز بمليار ريال في النفايات) جاء فيه : قدر مختصون اقتصاديون أن نسبة هدر الأرز المستهلك في المملكة سنويا تتراوح ما بين 35 إلى 40 في المائة بقيمة تصل إلى 1.6 مليار ريال مشيرين إلى أن المملكة تستورد نحو 1.1 مليون طن سنويا، بقيمة تقدر بأربعة مليارات حيث تصل قيم هدر الكمية المستوردة بنحو 440 طنا، وان حجم الاستفادة الفعلية من الكمية المستوردة لا يتجاوز 660 طنا سنويا. وان هناك هدرا في كميات الأرز يشهدها المجتمع السعودي تقدر ما بين 35 في المائة إلى 40 في المائة، وهذا يعود إلى ثقافة المجتمع السعودي، ويكمن الحل بداية في الأسرة حيث لابد من التوعية حول هدر الكميات من الأغذية وخصوصا الأرز. وأعود لأؤكد بأن رمي الطعام الصالح للأكل في النفايات لا يجوز، لأنه إتلاف مال، وإتلاف المال بغير حاجة حرام، فتجب المحافظة على الطعام الزائد عن الحاجة ليؤكل فيما بعد أو إرساله للمحتاجين من أهل الحي أو توزيعه على الجمعيات الخيرية، أو غير هذا من الاستعمالات التي لا إهانة فيها لنعمة الله. إن علينا أن نعتبر ما يدور حولنا في اليمن وسوريا والصومال.. فلنحافظ على نعمة الله في الأطعمة ولا نرميها في صناديق القمامة.. السطر الأخير : (قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين).