توفي، يوم الخميس 17 أبريل من الشهر الجاري، غابرييل غارسيا ماركيز الذي يعد أحد الرموز الكبار في الأدب والرواية العالمية واللاتينية على مدى العقود الماضية، وذلك في منزله بالعاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي، عن عمر يناهز 87 عاما، وقد توزع رماد جثته بعد إحراقها بناء على رغبته، بين كولومبيا موطنه الأصلي والمكسيك مكان إقامته على مدى العقود الثلاثة الماضية. يعتبر غارسيا ماركيز الروائي والكاتب والصحفي اللامع من أعظم المؤلفين باللغة الإسبانية على مر العصور، وقد ذاع صيته بعد ملحمته الشهيرة «مئة عام من العزلة». وقد بيع أكثر من 30 مليون نسخة من الرواية التي نشرت في عام 1967، وترجمت إلى 25 لغة، محتلة المرتبة الثالثة في العالم بعد الكتاب المقدس (الإنجيل) ودون كيخوت. غارسيا ماركيز الذي حصل في عام 1982 على جائزة نوبل في الأدب يعد أحد مبدعي الواقعية السحرية التي يمتزج فيها الواقع بالخيال والأسطورة والحلم والسحر، المرتبط بالتنوع والتعدد والتداخل العرقي والإثني والثقافي، والتي انعكست في عادات وتقاليد مجتمعات منطقة الكاريبي وأمريكا اللاتينية، حيث يتعايش السكان الأصليون مع المهاجرين البيض، إلى جانب العبيد الذين جلبهم المستعمر الإسباني والبرتغالي، كما حفلت أعماله الروائية بحضور واضح للمكون العربي. عرف عن ماركيز مناهضته القوية للنظم الديكتاتورية في أمريكا اللاتينية وللولايات المتحدةالأمريكية الداعم الرئيس لتلك النظم، وخصوصا إبان الحرب الباردة، وتسبب ذلك في منعه من دخول الولاياتالمتحدة لفترة من الزمن، وتظهر أعماله، مثل «الجنرال في متاهته» و«خريف البطريرك» نقدا وهجاء مريرا للحكومات الديكتاتورية العسكرية، وبحكم نزعته اليسارية التي تتسم بالأنسانوية والمتحررة من سطوة الأيدولوجيا الجامدة أقام علاقات قوية مع القيادات اليسارية البارزة في أمريكا اللاتينية ومع الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرانسوا ميتران، كما ربطته صداقة شخصية قوية بالزعيم الكوبي فيدل كاسترو، والثائر اللاتيني المشهور تشي غيفارا. عرف عن ماركيز مناصرته وتضامنه مع كفاح الشعوب وقضاياها العادلة، ومن بينها القضية الفلسطينية، كما أدان الحصار الدولي المضروب على الشعب العراقي في عهد النظام السابق. شهرة ماركيز كصحفي وكاتب مقال ومراسل لا تقل عن شهرته الأدبية، ونقل عنه قوله «الصحافة أحلى مهنة في العالم». رواية «مذكرات غانياتي الحزينات» الصادرة في 2004 تعد آخر أعماله الإبداعية، حيث توقف بعدها عن الكتابة لظروفه الصحية. نستعيد ما جاء في كلمته لدى تسلمه جائزة نوبل «في مواجهة القمع والنهب والإهمال، يكون ردنا هو الحياة، فلا السيول ولا الأوبئة ولا المجاعات ولا النكبات، ولا الحروب الدائمة التي استمرت قرنا بعد قرن، قد تمكنت من إخماد تفوق الحياة على الموت».