لا يخفى على أحد أهمية السلامة المرورية لمرتادي الطريق فهو أولوية توليها الدول أهمية بالغة، لما له من آثار مباشرة على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والبشرية في أي مجتمع، وتعد التوعية أحدى الوسائل المستخدمة في التثقيف بالمرور، وقد اختتمت قبل أيام فعاليات أسبوع المرور الخليجي الثلاثين، أثق أن كثيرا منكم لم يسمع عنه ولم يلحظ أيامه وهذه عادته كل عام!! مشكلة حوادث السيارات تعد من أخطر المشكلات والهموم التي تواجه المجتمع السعودي، ولاتزال حوادث المرور تشكل هاجسا مقلقا للدولة والمجتمع على حدٍ سواء، بسبب ما تتركه من حصد لأرواح الأبرياء والتسبب في العديد من الإصابات، فضلا عن الآثار الاجتماعية والخسائر المادية في الممتلكات والتي تكلف الاقتصاد أموالا طائلة. فمن المؤسف أن نكون ضمن أعلى معدلات الحوادث المرورية على مستوى العالم، ونبلغ معها أسفل دركات الحزن والخسران، فمعدل الوفيات في حوادث الطرق في السعودية في عام 2013م بلغت 17 شخصا يوميا (شخص كل 40 دقيقة)، كما بلغ عدد المصابين أكثر من 68 ألفا منهم من يبقى معاقا طوال حياته، وزادت الخسائر المادية على 13 مليار ريال في نفس العام. يجب علينا الاعتراف بأن مشكلة الفوضى المرورية الحاصلة في مدننا تتطلب ما هو أكثر من فعاليات وإجراءات أسبوع المرور الموسمية التي يتلاشى مفعولها بمجرد انتهاء أيام الأسبوع أو بمجرد نشرها في وسائل الإعلام. ففي واقع الأمر لم يتغير شيء في منظومة الثقافة المرورية حتى في ظل وجود نظام ساهر، فالأرقام المهولة للحوادث المرورية وما تسببه كل عام من أضرار بشرية ومادية واقتصادية مؤثرة ومدمرة لكل خطط التنمية فالإحصائيات ترصد آلاف القتلى والمصابين بسبب الحوادث المرورية والفواجع اليومية، فلاتزال ظاهرة الوقوف العشوائي للمركبات تعرقل حركة السير والسرعة الزائدة وقطع الإشارة والتفحيط والاستهتار بأرواح الناس تحصد الأرواح يوميا على مستوى المملكة ولازال الجهل بقواعد المرور وإشاراته سمة بارزة لدى معظم من يقودون المركبات. فالوعي المروري لايزال متدنيا والحوادث المرورية على حالها إن لم تكن في تصاعد مستمر وتزداد آثارها السلبية على المجتمع. إلى متى سيظل المرور مشكلة عصية على الحل رغم كل الحملات والفعاليات التي تم تنفيذها وتكرار أسابيع المرور على مر السنوات الماضية، وأنا هنا لست ضد تلك الحملات التي تتركز في تلك الأسابيع ولا التقليل من أهمية الفعاليات التثقيفية وضرورتها في خلق ثقافة ووعي مروري لكنني مع جعلها حملات منظمة برؤية واضحة وخطة مستقبلية لتحقيق أهداف واضحة على مدار السنة بحيث تتسم بالاستمرارية طوال 52 أسبوعا وليس لأسبوع واحد فقط وذلك من أجل توعية المجتمع بالاستخدام الصحيح والآمن للطريق والمركبة من كون السلامة المرورية مطلبا ضروريا ومستمرا. يجب وقف نزيف الدم والخسائر المادية بحملات دائمة ومنتظمة وفق خطة شاملة تصل بالرسالة إلى الشباب وبلغتهم، حملات في أماكن تواجد هم كالمدارس والجامعات وفي المناسبات الرياضية والصحف والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي ستسهم بإذن الله في إيصال الرسالة .. ودمتم سالمين.