لأكثر من ربع قرن ظل قريبا من الموتى ومن رائحة الموت، نذر جل حياته لغسلهم وتكفينهم ومواراتهم الثرى، وشكلت السنوات خبرة كافية في أداء هذه المهمة متطوعا بلا أجر، وتعرفه كل محافظة المزاحمية كرجل خيّر لا يتردد عن واجب. الشيخ سعد سعود الطشلان يتذكر رحيل رجل أسيوي انتهت حياته بحسن الخاتمة كان يتلو القرآن الكريم وتوفي فجأة والمصحف الشريف بين يديه ليتم نقله إلى ثلاجة الموتى في مستشفى المزاحمية وبقي الجثمان فيها لأكثر من 16 يوما وعند إخراجه من الثلاجة للغسل والتكفين يقول الشيخ الطشلان «هذا الرجل لم تشتد أعضاء جسمه وكأنه توفي قبل لحظات». الدفن واللحى مواقف كثيرة شهدها الرجل طوال سنوات عمره في إكرام الميت ودفنه وحفر القبور وهو الأمر الذي جعله ملما بالاحتياجات والمطالب وأوجه القصور في مقابر المزاحمية كغياب الحراس ووجود قطعة أرض تبرع بها فاعل خير لبناء مقبرة ولم يتم التنفيذ للحظة لغياب الدعم. «منذ 26 عاما وأنا أزاول مهنة حفر القبور وغسل الموتى وقيادة سيارة نقل الأموات دون مقابل وهذه المهنة أمانة قدمت لي الخير الكثير وأسأل الله تعالى أن يعينني على حمل الأمانة ومنحها حق تقديرها.. والمهنة ليست حكرا على أصحاب اللحى بل للرجل القادر الأمين العالم بغسل الموتى وحفر القبور». من واقع خبرته يقول الطشلان إن هناك معايير يجب توافرها في مغاسل الأموات منها تجهيزها بالأدوات الطبية والسدر والأكفان التي تتناسب مع جميع حالات الوفيات سواء كانت حوادث أو حرائق، وعن الأخطاء التي يقع فيها البعض قال إنها تتمثل في تأخير تسليم الجنائر بلا مبرر وكثرة المزاحمة والتدافع على القبور ورفع الأصوات وتدخل بعض الفضوليين ممن لا يعرفون طرق الدفن الصحيحة. ويشير إلى أن «بعض النسوة يعملن على غسل الميتات ولابد أن تكون المرأة عالمة بكيفية غسل الأموات ففي محافظة المزاحمية توجد امرأة متبرعة لتعليم النساء وهناك مساعدات لها وعددهن 8 لا يتقاضين أجرا على ذلك». مغسلة الهويدي الشيخ الطشلان قال إن عدد الجنائز في هذا العام والعام الماضي بلغ نحو 130جنازة في المزاحمية غير التي تنقل خارج المحافظة، مبينا أن أسبابها إما موت الفجأة أو حوادث. وأشار إلى أن هناك قطعة أرض تبرع بها فاعل خير لبناء وقف خيري لمغسلة أو مقبرة ومساحتها قرابة 600 متر، مبينا أن المقبرة الحالية والمغسلة لا تفيان بالغرض والمحافظة بحاجة لمقبرة كبيرة فعدد سكانها تجاوز 60 ألف نسمة ويتبعها مراكز وهجر، كما أن المزاحمية تمتد جغرافيا على طرق حيوية كطريق مكة – ونساح وبيشة والتي تشهد حوادث مميتة ما يشكل ضغطا على المغسلة الحالية في جامع الهويدي مع قلة استخدام المغسلة الثانية في جامع الملك عبدالعزيز، مبيناَ أن مغسلة جامع الهويدي غير صالحة لتجهيز الموتى لصغرها وقلة أماكن تجهيز الموتى بها بالإضافة لسقفها المشيد من مظلة حديدية ويعاني كثيرا في تجهيز الموتى حال هطول الأمطار. كما أن المراكز التابعة للمحافظة لا تتوفر بها أي مغاسل للموتى ولا سيارات لنقل الموتى مما يضطر أهالي المراكز استخدام مغاسل المحافظة، مطالبا بإنشاء مغسلة متكاملة في نساح إلى جانب إقامة دورات للشباب لتعليم أصول غسل الموتى.