يعتبر انعقاد القمة العربية ال (25) في الكويت غداً وبعد غد بمثابة إنجاز كبير في حد ذاته حتى قبل أن يتجمع القادة والرؤساء في البلد الشقيق.. وحتى قبل أن تصدر عن هذه القمة أي قرارات من أي نوع كان.. هو إنجاز كبير لأن ظروف ليبيا وتونس وسوريا ومصر والعراق ولبنان واليمن والسودان والصومال وغيرها من البلدان العربية لا توفر الحد المطلوب من النجاح لقمة مطلوب منها أن تصدر قرارات فعالة وقابلة للتطبيق.. بعد توفر الإرادة الحقيقية للاتفاق عليها والالتزام بها.. انعقاد القمة: الإنجاز المستحيل والسبب في ذلك هو حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة بشكل عام.. والدول العربية السالفة الذكر بشكل خاص.. وبالتالي فإن احتمال عقد هذه القمة في موعدها المقرر لم يكن واردا في الأصل لاعتبارات موضوعية.. يرد في مقدمتها: (1) التغييرات المستمرة في الواجهات السياسية وفي المؤسسات الحاكمة خلال الأعوام الثلاثة الماضية وبصورة أكثر تحديدا خلال العام المنصرم وفي أكثر من دولة عربية واحدة. (2) تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية تدهورا شديداً شارفت معه المنطقة على حالة من الانهيار غير المسبوق. (3) تدخلات أطراف إقليمية أخرى خارجية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة بصورة غير مسبوقة وتوجيهها للأحداث وجهة غير مطمئنة.. (4) تصدع أكثر هذه الدول من الداخل بفعل الانقسام الشعبي الحاد بين أبنائها.. إلى درجة الصدام الذي شارف في أكثرها على الدخول في حرب أهلية مدمرة.. (5) تصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية وظهور فصائل ومنظمات وقفت وراء بعضها دول مستفيدة.. وبرز بعضها الآخر في ضوء حالة التناقض بين أبناء الشعب الواحد.. في ظل تنامي الدعاوى المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية وبلغ بها الصراع حد التناحر بفعل سياسة الفرز والتصنيف والإقصاء البغيضة التي انتشرت في أنحاء عالمنا العربي. بداية المخطط ونهايته هذه العوامل المستجدة على منطقتنا لم تكن وليدة معاناة شعوب المنطقة من داخلها فحسب وإنما كانت نتيجة طبيعية لمخطط أريد له أن ينفذ في هذا الوقت بالذات بعد أن وصلت القوى الخارجية إلى قناعة بأن ظروف المنطقة قد استوت.. وأن الوقت بات ملائما لتسديد ضربة شديدة للكيانات العربية المستقرة بشيء من التدرج المدروس على ما يبدو . إذا كانت بداية هذا المخطط قد انطلقت من استثمار الغزو السوفييتي لأفغانستان عام ( 1979م ) وتجييش المشاعر العربية والإسلامية ضد ما أسموه تحويل أفغانستان المسلمة إلى دولة شيوعية واندفاع الشعوب بصورة جنونية إلى هناك ليكون ذلك إيذانا بصناعة منظمة القاعدة.. وبداية استخدامها لتكسير عظام العرب والمسلمين (أولا) والتغطية على أهدافها الأساسية بالزج ببعض السذج للقيام بأعمال تخريبية في خارج منطقتنا بهدف الإيحاء بأن هذا التنظيم ليس صناعة أجنبية.. إذا كانت تلك هي البداية الأولى للعصف بدولنا.. وهز ثقة شعوبنا بأنظمتها وخلق حالة من الصدام معها.. ومن العدائية بعد ذلك بين بعضها البعض.. فإن تزيين أمر غزو الكويت لصدام حسين وما ترتب عليه بعد ذلك من تحويله إلى بلد ممزق.. ومحترق.. وغارق في دماء أبنائه.. كانت هي الخطوة الثانية لإشعال النار في بقية أجزائه.. وما حدث في تونس وليبيا بعد ذلك لم يكن إلا جزءا من هذا المخطط الرهيب توسيعا لدائرة المأساة.. وتفتيتا لكافة الدول العربية.. ليأتي بعد ذلك بقية الشريط الذي وصل إلى الصومال.. والسودان .. وسوريا .. ولبنان.. وأخيرا إلى جمهورية مصر العربية.. مرورا بالبحرين الشقيق.. صحيح أن لكل بلد.. من هذه البلدان ظروفها.. وأن لهذه الظروف أسبابها ومعطياتها المختلفة.. وصحيح أن للأوضاع الداخلية لكثير من هذه الدول دخلا مباشرا فيما حدث فيها.. إلا أن سرعة تداعيات الأحداث وتطوراتها المذهلة أعطت مؤشرات قوية على أن وراء تلك الأوضاع أيادي خفية لإشعال تلك الحرائق في كل مكان وبسرعة مذهلة وغير متوقعة. فلسطين.. ضياع الأمل هذه الانهيارات وتلك.. أدخلت المنطقة بأسرها في حالة عدم استقرار بفعل درجة الاحتقان المتصاعدة في العديد من الدول العربية.. وكذلك حالة الترقب والانتظار وهواجس الخوف من المجهول في دول عربية أخرى.. جعلت إمكانية عقد قمة عربية في هذا الوقت بمثابة عملية مستحيلة وغير ممكنة. فإذا أضيف إلى ذلك تعقيدات الوضع الحالي في سوريا ودعم إيران وحزب الله للنظام فيها على حساب الشعب الباحث عن حقوقه في العدالة والحرية والأمان.. وما ولده هذا الوضع من انقسامات عربية ملموسة.. تزايدت حدتها بتراخي المجتمع الدولي تجاه هذا الوضع .. واختزال كل من أمريكاوروسيا ودول أوروبا الغربية هذا الوضع في قضية الاستخدام للأسلحة المحرمة دوليا وعدم الالتفات للقضية الأساسية المتمثلة في جرائم النظام.. وفي استعانته.. بأطراف خارجية وبمنظمات إرهابية لكسر شوكة الشعب فيه.. إذا أضيف لذلك هذا الوضع بكل ما تركه من توترات في العلاقات بين بعض دول المنطقة مع أطراف دولية بارزة.. فإن علينا أن ندرك طبيعة الظروف المعقدة التي تعيشها المنطقة وتحرم دولها وشعوبها من إمكانية الالتقاء حول محاور مشتركة وقابلة للتفاهم وتوفير مناخات ملائمة لاجتماع قمة كهذه. وبصرف النظر عن الخلاف الذي ظهر مؤخرا بين الدول الخليجية الثلاث المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين من جهة وبين الشقيقة دولة قطر.. وكشف عن صدع حديث في منظومة دول مجلس التعاون والدولة المستضيفة لهذه القمة «الكويت» إحداها.. فإن بيئة العمل السياسي والأمني في سائر دول المنطقة لم تكن مهيأة بالمرة لعقد هذه القمة على الإطلاق وبالذات في ظل غياب الاستقرار في اليمن.. وتفاقم الأزمة في الصومال.. واضطراب الوضع في جنوب السودان.. وفي السودان نفسه.. صفقات مريبة مع إيران وليس بعيدا عن كل هذا.. ما استجد من مواقف وتوجهات في العلاقة بين إيران وبين الدول (5+1).. فهي وعلى الرغم من تعثر مباحثاتها حول الملف النووي الإيراني إلا أنها بدت أكثر اقترابا من بعضها البعض من أي وقت مضى مما أعطى الانطباع بأن في الأفق «صفقات» و «صفقات» بدليل إسقاط العديد من العقوبات الأمريكية والأوروبية عن إيران.. وبدليل تزايد الاتصالات وتبادل الزيارات بين طهران وبين أصحاب القرار في تلك الدول.. وبدليل غض الطرف على استمرار وجودها في سوريا.. وبقائها في لبنان.. وتواصل أنشطتها في الخليج وفي اليمن وفي العراق بقوة. لذلك كله أقول: واقع عربي غير مطمئن إن نجاح الإخوة في الكويت في إقناع العرب بالاجتماع فيها وعقد قمتهم المقررة في موعدها.. إنما يعد إنجازا كبيرا وإن كان عقد القمة ليس هدفا في حد ذاته.. وإن كان الخروج منها بقرارات (أشبه بالتوصيات) لن يضيف جديدا إلى قائمة العجز العربي الذي تترجمه قرارات عشرات القمم السابقة غير القابلة للتنفيذ.. فما بالنا والوضع العربي الحالي يمر بأسوأ حالاته في الوقت الراهن.. فما هو المنتظر من قمة الكويت المرتقبة إذن؟ ولكي نكون موضوعيين.. فإنه لا بد من أن نخفض من سقف توقعاتنا.. ولا نطالب بما ليس ممكنا تحقيقه. فليس متوقعا مثلا: أولا: أن تتفق الدول العربية على موقف قوي يتجاوز حدود ما اتخذته عام (2002م) في بيروت عندما وافقت على صيغة المبادرة العربية التي انطلقت من الرياض وحددت ملامح عملية السلام بقيام دولة فلسطين مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.. بل يكفي الدول العربية المجتمعة الثلاثاء أن تؤكد مجددا على التزامها بمضامين تلك الاتفاقية دعما للحقوق الفلسطينية المشروعة بمواجهة الضغوط التي تمارس عليها للاعتراف بيهودية الدولة العبرية.. مقابل قيام دولة فلسطينية تحت الحماية الإسرائيلية ودون قوة قادرة على حماية حدودها ومكتسبات شعبها والحفاظ على هويتها.. ثانيا: وليس من المتوقع أن تتفق جميعها على التأكيد على إسقاط شرعية النظام السوري.. بل ينتظر منها فقط أن تتفق على إقرار مبدأ قيام هيئة انتقالية لايشارك فيها رئيس النظام.. كما تقرر في جنيف/1 ونسف في جنيف/2.. وتفاوتت بشأن ذلك مواقف العواصم العربية في المحافل الدولية وكذلك داخل الغرف المغلقة لاجتماعات الجامعة العربية.. وكلنا نعرف موقف كل من العراق.. ولبنان.. والجزائر.. وغيرها من هذه المسألة تحديدا.. وحتى التوصل إلى مثل هذا الاتفاق لا يبدو ممكنا مادام أن هناك من تستهويه فكرة ترشيح الأسد للانتخابات القادمة لأسباب تعود إلى أوضاع تلك الدول الداخلية ولحساباتها الخاصة بحساسيتها تجاه الشعوب.. وتقارب مواقفها وسياساتها مع مواقف وسياسات روسيا وإيران وحزب الله المستفيدين من الوضع هناك.. ومن الإبقاء على حالة عدم الاستقرار في المنطقة أيضا.. بدليل خلق منظمات جديدة.. تسمى كذبا.. منظمات إسلامية «مثل «داعش» و «النصرة» بينما هي تعمل لصالح النظام السوري.. ولحساب أنظمة مجاورة لسوريا.. أو مستفيدة من استمرار الوضع المأساوي فيها وفي المنطقة بشكل عام.. ثالثا: كما أنه ليس من المتوقع أن تتفق الدول العربية أيضا في قمة الكويت هذه على رفض التدخلات الإيرانية الفاضحة، في شؤون المنطقة وتهديداتها المستمرة لدولها سواء بالمضي في برامج تسلحها النووي أو بتقسيم شعوبها على أسس طائفية ومذهبية وتغذية الكراهية بين أبناء الشعب الواحد.. كما يحدث بوضوح شديد في كل من لبنان.. واليمن.. والبحرين.. والعراق.. لأن بين دولنا من يشارك إيران في تبني هذه السياسات ويطبقها على الأرض.. كما يحدث الآن في العراق.. وبواسطة حكومته الحالية.. أو في لبنان على يد حزب الله.. أو في اليمن.. من خلال الحوثيين مع كل أسف.. ليس متوقعا هذا.. وإن كان المأمول هو في ظل التشرذم العربي أن تنعقد العزيمة ويتفق الجميع على تجريم مبدأ التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لدول المنطقة سواء كان المقصود به تدخل إيران أو الدول الكبرى في هذا العالم.. شريطة أن ينعقد العزم على تطبيق ذلك على الأرض وإن كنت أشك في ذلك تماما.. التآمر على مصر رابعا: ومن باب أولى أن يكون مستبعدا أيضا اتفاق الإخوة العرب مجتمعين على رفض السياسات الخارجية الحالية ضد مضي الشقيقة مصر في تطبيق «خريطة المستقبل» التي صادق عليها الشعب من خلال الاستفتاء على الدستور الجديد.. وكذلك من خلال الإجراءات العملية الجادة لإنجاز انتخابات نزيهة وتجيء برئيس منتخب إلى السلطة.. وحكومة مسؤولة تتولى الإعداد لانتخابات برلمانية نظيفة في مرحلة لاحقة.. ليس متوقعا حتى الاتفاق على هذا بمناصرة السلطة الحالية في مصر لبناء دولة قوية تعيد تماسك البلاد وتعمل على توحيد الشعب.. وتنمية الوطن.. لأن من بيننا من يعتبر ما حدث في مصر حتى الآن «انقلابا» ويتعامل مع الأشقاء فيها على أنهم مغتصبون لسلطة، أسقطها الشعب وتخلص منها.. وكل جريرة مصر والمصريين أنهم أبعدوا الإخوان عن الحكم لفشلهم (على مدى عام) في إدارة شؤون البلاد. خامسا: ومن غير المتوقع أيضا أن يتفق العرب في قمتهم القادمة على إيقاف تمدد الإخوان المسلمين في جميع مفاصل الدول والمجتمعات العربية ووصولهم إلى السلطة في أكثر من دولة عربية رغم ضعف أدواتهم ووسائلهم وخبرتهم السياسية في إدارة مؤسسات تلك الدول وتهاويهم في العديد منها.. ووصمهم بصفة الإرهاب في بعض العواصم العربية نتيجة استخدامهم القوة لفرض وجودهم في مواقع السلطة فيها وانتشارهم من خلال ثقافة الشعوب بعد سنوات طويلة من التأثير المباشر وغير المباشر فيها.. أدوات محلية لمخطط خارجي لا نتوقع الاتفاق على ذلك لأن المخطط الموضوع لإعادة رسم الخارطة السياسية بالمنطقة قد وجد في الإخوان أداة صالحة لإرباك المنطقة وإشعال التوتر والاضطراب في أرجائها وهز حالة الاستقرار في أكثر من دولة فيها.. ولأن الإخوان مايزالون مطلوبين من قبل قوى خارجية متنفذة لإكمال سيناريو التفتيت لدول المنطقة والتقسيم والتشرذم لشعوبها وصولا إلى الهدف النهائي المتمثل في سقوط الكل وتهيئة الأرضية المناسبة لرسم خارطة المستقبل العربي المفرغة من الهوية الوطنية.. بعد أن دمرت الهوية القومية تماما.. سادسا: ومن باب أولى ألا يكون منتظرا الاتفاق بين الدول العربية أيضا على نبذ العنف.. وإيقاف مسلسل التآمر ضد بعضها البعض تحقيقا لطموحات هذا البعض المستثمرة من قبل أطراف دولية أخرى لإرباك دول المنطقة ومجتمعاتها.. وتوظيف تلك الطموحات لخدمة أهدافها الأمنية والسياسية والاقتصادية فيها.. واستخدامها كأدوات محلية ملائمة لتنفيذ مخططاتها بهز استقرار دول قوية فيها.. ومواصلة خطة التغيير لأنظمتها وإشعال الفتن في أرجائها.. وقتل شعوبها بأكثر من طريقة وعبر أكثر من وسيلة.. وفي مقدمة ذلك إذكاء ثقافة التطرف والعنف في المجتمعات وخلق منظمات وجماعات حاقدة على مجتمعاتها واستخدامها لضرب دولها ومجتمعاتها.. وتضليل شبابها والدفع بهم إلى أتون حروب انتحارية مميتة وإعادة تصديرهم إلى أوطانهم وتحويلهم إلى معاول هدم لها.. التفاؤل الكويتي.. لماذا؟ فماذا إذن بعد كل هذا يمكن الاتفاق عليه في الكويت؟! إن سلامة نوايا الشقيقة الكويت.. ورقي حسهم القومي وشدة حرصهم على تأمين الحد الأدنى من السلامة وعودة الهدوء إلى المنطقة هو الشيء الوحيد المتبقي.. وهو الشيء الوحيد الذي تشعر معه القيادة الكويتية المخلصة أن عليها واجبا ومسؤولية كبيرة لعمل شيء لهذه الأمة.. من شأنه أن يوقف هذه المآسي عند حد معين بعد أن برزت مؤشرات قوية على أن المخطط ماضٍ ومستمر.. وأنه لن يستثني أحدا.. وأن المزيد من الفوضى متوقعة في مناطق مستقرة حتى الآن.. هذا الشعور الميال إلى التفاؤل لدى الإخوة في الكويت تبرره أمور كثيرة يرد في مقدمتها: (1) رصيد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح بين إخوانه القادة في الخليج والدول العربية والمحافل الإقليمية والدولية.. لما يتمتع به الرجل من احترام عند الجميع.. (2) دخول المنطقة مرحلة تصحيح للأوضاع التي نشأت فيها منذ ثلاث سنوات.. وإعطاء عملية التصحيح مؤشرات أقرب إلى التفاؤل منها إلى التشاؤم واليأس.. كما ظهر ويظهر في تونس وليبيا ومصر حتى الآن. (3) وجود رغبة حقيقية وقوية لدى دول عربية كبيرة ومؤثرة مثل المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية للعمل على تأمين سلامة المنطقة ومنعها من الانزلاق أكثر نحو الهاوية.. وسعيها المتواصل لإيقاف نزيف الدم ومنع المخطط الجديد من الوصول إلى نهايته. (4) ضيق شعوب المنطقة بما يحدث في دولهم ولأوطانهم بعد أن تنبهت إلى خطورة جرجرتها إلى مصير مؤلم يستهدف هويتها العربية.. ويسعى إلى استئصال كياناتها السياسية المستقلة وإلغاء وجودها بالكامل.. الاستقرار ممكن.. ولكن.. هذه العوامل مجتمعة أو متفرقة من شأنها أن تبقي على الأمل في نجاح الكويت اليوم في إيقاف مسلسل التدمير للهوية العربية وذلك بتبصير الجميع بحقيقة ما يحدث وما سوف يحدث في المستقبل ومحاولة إعادة ترميم العلاقة بين أكثر من عاصمة عربية وتجسير الهوة السحيقة بين بعضنا البعض.. آملا في قيام وعي جديد بخطورة ما سوف يحدث في المستقبل إذا استمرت الأمور على ما هي عليه الآن.. فهل يتحقق ما يفكر فيه الكويتيون ويتطلعون إليه أو تكون عملية الدفع بالمنطقة نحو مزيد من الفوضى أشد وأقوى.. من الجهود المخلصة لإعادة بناء الثقة بين العرب.. لتصحيح جميع المسارات الخاطئة.. وإيقاف المأساة عند حدها؟ نحن هنا في المملكة العربية السعودية نأمل من كل قلوبنا في أن ينجح الأشقاء في الكويت في تحقيق تطلعاتهم نحو إعادة ترميم البيت العربي من الداخل وسوف يجدون منا كل الدعم والمؤازرة التي تليق بنواياهم الصادقة وحرصهم الأكيد على أن تستقر الأوضاع.. وتبدأ من جديد مرحلة عمل مضنية من أجل إعادة بناء ما هدمته يد المتربصين بأمتنا بتحمل الجميع لمسؤوليتهم تجاه أوطانهم وشعوبهم.. بعد أن وصلت المنطقة إلى حافة الهاوية. أسس الاتفاق على المستقبل الآمن وإذا أرادت الدول العربية أن تحقق إنجازا ملموسا في هذه القمة وذلك مانتمناه ونرجوه فإن عليها أن تتفق على الآتي: (1) إقامة أنظمة عادلة .. ذات هوية وطنية بعيدا عن الأدلجة.. والانتماءات والولاءات التي لا تحترم حقوق الشعوب.. وثقافتها واختياراتها وبالتالي نبذ كل شكل يريد للبلدان التي شهدت التغيير أن تدار بأيديولوجية أممية وغير وطنية. (2) الاتفاق على تحقيق مبدأ التكامل بين اقتصادات الدول العربية التي دمرتها الحروب والتي تعيش مستويات مستقرة.. تعزيزا للمصالح المشتركة بدلا من التناحر والاختلاف اللذين أوجدا فجوات سحيقة فيما بينها في الماضي. (3) إيقاف أي تحالفات إقليمية أو خارجية.. والاستعاضة عنها بإعادة بناء الثقة بين المنظومة العربية نفسها.. (4) الاتفاق على تسوية الوضع في سوريا لصالح الشعب السوري بكل ما يترتب على ذلك من إعادة نظر في الحسابات الراهنة لبعض دول المنطقة. (5) التعجيل بإنهاء موضوع المراجعة لميثاق الجامعة العربية.. وتفعيل الجهود الرامية إلى تصحيح مساراتها في الاتجاه العربي المخلص. (6) عودة المياه إلى مجاريها بين دول مجلس التعاون الخليجي بالاتفاق بين دولها على سياسات خارجية موحدة.. تقررها دولها وفقا لمصالح شعوبها وحاجة دولها إلى المزيد من الاستقرار والنماء. (7) الاتفاق على خارطة طريق واضحة ومحددة لا تقبل بتدخلات إقليمية أو أجنبية في شؤونها وتستمد قوتها من فتح القنوات المغلقة بين بعض دولها.. وتطبيق الاتفاقات الأمنية المبرمة فيما بينها بدقة.. وبغير هذا فإن المنطقة العربية ستظل معرضة للأخطار التي ماتزال مهيمنة على أجوائها وداخل مفاصل الحياة اليومية بدولها وعلى ثقافة شعوبها.