المتهم بريء حتى تثبت إدانته .. غير أن نظرة الآخرين للمتهم تشير إليه أنه متهم حتى يثبت اتهامه، وكثيرون لا يدركون حقوق المتهم مع أن الشرع كفل تحقيق العدالة ومنع الظلم، وكل ما يؤدي إليه من طريق، قال تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) وقال: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى). الشريعة الإسلامية سنت القواعد العدلية الأسس العملية لحماية الآخرين من الظالمين فقال صلى الله عليه وسلم: (لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى رجال أموال قوم ودماءهم لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر)، فجعلت الأصل براءة ذمة المتهم وأوجبت الدلائل والبراهين لإزالة هذا الأصل الكبير، وكفلت له الحقوق وأوجبت عليه التزامات. فسارت الدولة على هذا المنهاج، فسنت أنظمتها وبنت قواعدها عليه. اليقين لا يزول بالشك عن حقوق المتهمين يقول المحامي والمستشار القانوني علي الغامدي أن الشريعة امتازت بسد الذرائع المؤدية إلى التهمة ووردت النصوص الشرعية التي ترشد الإنسان إلى البعد عن مواقع الريب والظن والتهمة سواء أكان ذلك بالنظر إلى من صدرت عنه التهمة أو من توجهت إليه، ومن القواعد الفقهية التي تعضد حقوق المتهم وتعززها قاعدة اليقين لا يزول بالشك. ومما يندرج تبعا لهذه القاعدة الكلية قاعدة الأصل براءة الذمة، ولذلك فإن الحدود تدرأ بالشبهات، وكذلك التهمة خلاف الأصل فتراعى بقدر الحاجة كالرخص مع العزائم والتهمة لا تكون معتبرة إلا ببينة أو قرينة والأصل في الدماء والأعراض والأموال حرمتها، فلا تستباح بالتهمة المجردة والأصل في تصرفات الإنسان أنها جارية على أصل السلامة. لا عقوبة بلا نص المحامية بيان زهران تؤكد أن الحقوق التي كفلها نظام الإجراءات الجزائية للمتهم متنوعة، حيث أنه لا يسمح باستيقاف شخص بموجب -المادة الثانية من النظام والتي تنص على عدم جواز القبض على أي إنسان أو تفتيشه أو توقيفه أو سجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاما، «أي أمر مخالف نظاما ومنصوص عليه» فلا عقوبة دون نص وهذه قاعدة شرعيه؛ كما نصت المادة بأن لا يكون التوقيف أو السجن إلا في الأماكن المخصصة وللمدة المحددة نظاما، كما يحظر إيذاء المقبوض عليه جسديا أو معنويا أو تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة. وتنص المادة الثالثة من ذات النظام بأنه لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص إلا على أمر محظور ومعاقب عليه شرعا أو نظاما، وبعد ثبوت إدانته بناء على حكم نهائي بعد محاكمة تجرى وفقا للوجه الشرعي، وتأتي هذه الأنظمة احتراما لحقوق الفرد وحرياته في المجتمع. الاستعانة بمحام المحامي بخيت آل غباش تطرق إلى مرحلة توقيق المتهم، وقال إنه في مرحلة والتحقيق نص النظام على ضرورة إبلاغ المتهم بالتهمة المنسوبة إليه وأوجب حفظ كرامته وعدم إيذاءه جسديا أو تعريضه للتعذيب، كما أعطى النظام الحق للمتهم في مرحلتي التحقيق الاستعانة بمحام ونص على عدم جواز العزل بينه وبين محاميه أثناء التحقيق، كما لا يجوز أن يكون استجواب المتهم في حالة يتعرض فيها لتأثير على إرادته، كما لا يجوز تخويفه أو تحليفه، ومن الحقوق في مرحلة المحاكمة حق المتهم في الحضور إلى المحكمة بغير قيود ولا أغلال وله في غير الجرائم الكبيرة أن ينيب عنه من يحضر جلسة المحاكمة، وفي حالة عدم قدرته على تكليف محام لعجزه عن دفع أتعابه تتولى المحكمة انتداب محام للدفاع عنه على نفقة الدولة، ومن حق المتهم في هذه المرحلة أن يعطى المهلة الكافية لأعداد دفاعه عن التهم الموجهة إليه، وأن يطلب سماع من يرى من الشهود. النطق بالحكم من جانب آخر، يوضح القانوني عبدالله الدهمش أن المحكمة توجه التهمة إلى المتهم في الجلسة، وتتلى عليه لائحة الدعوى وتوضح له ويعطى صورة منها، ثم تسأله المحكمة الجواب عن ذلك و للمحكمة أن تأذن للمدعي العام في أن يدخل تعديلات في لائحة الدعوى في أي وقت، ويبلغ المتهم بذلك، ويجب أن يمنح المتهم فرصة كافية لإعداد دفاعه بشأن هذا التعديل وفقا للنظام، وإذا حضر المتهم وطلب إعطاءه مهلة لإعداد دفاعه، فعلى المحكمة أن تمنحه مهلة كافية. كما أنه لا يحكم إلا بحضور المتهم وتكون جلسة النطق بالحكم علنية، كما يحق له الاعتراض على الحكم وفقا للمواد (141 و182 و193) يسمع القاضي دعوى المدعي وبيناته ويرصدها في ضبط القضية، ولا يحكم إلا بعد حضور المتهم، ويتلى الحكم في جلسة علنية ولو كانت الدعوى نظرت في جلسات سرية، وذلك بحضور أطراف الدعوى ويحق للمتهم وللمدعي العام والمدعي بالحق الخاص طلب تمييز كل حكم صادر في جريمة بالإدانة، أو بعدمها، أو بعدم الاختصاص وعلى المحكمة إعلامهم بهذا الحق حال النطق بالحكم.