تشهد المملكة، هذه الأيام، تظاهرة ثقافية كبرى تتمثل في معرض الرياض الدولي للكتاب، هذا المعرض الذي يعد حدثا مهما على مستوى الأنشطة الثقافية. فإذا كان الكتاب هو نافذتنا التي نطل منها إلى الذات والآخر والماضي والحاضر، فإن معارض الكتب هي الباب الضخم لاقتناء أحدث ما تنتجه دور النشر في عامنا العربي، بل وربما في العالم. إن معارض الكتاب تظل أبدا هي أحد مراكز الإشعاع والتنوير التي تنطلق من خلالها أنوار العلم وقيم المعرفة العالية، لتزيل التراكمات التي ألمت بمحيطنا العربي على مدى القرون الماضية، وتزيل ما علق بذهنيتنا من شوائب تسربت إلينا من خلال ما يحاك على عقلنا من مؤامرات ظلامية. وتبقى الندوات والحوارات التي تجري في إطار هذه التظاهرة، ذات دور متعاظم في الانفتاح على جميع الآراء والطروحات المعرفية التي تهم المرتادين، إضافة إلى ما يمثله اقتناء الكتاب من أهمية، في توسيع المدارك وزيادة الوعي بما يمر بنا من إشكاليات ومعضلات. لكن الأهم من كل ذلك هو أن معارض الكتاب والإقبال عليها سهم مسدد في قلب التحجر والتحجير على العقول، وفاضح لما يعمل عليه البعض من قولبة المعارف والعلوم لتكون في خدمة أجندات خفية وتحزبات مغرضة. إن الثقافة تبقى أعظم من كل من يحاول تقزيمها.