انتشر في وسائل الإعلام خبر «إلزام السعوديات بدورات لفهم نفسية الرجل قريبا» وجاء تحت الخبر أن وزارة الشؤون الاجتماعية تدرس مقترحا لإلزام الفتيات السعوديات المقبلات على الزواج بالخضوع لدورات تأهيلية وتدريبية في كيفية التعامل مع الرجل ودراسة نفسيته وأسلوب الحوار معه لتقليص المعدلات المتزايدة للمشاكل الزوجية. التقطت وسائل الإعلام العربية الخبر وتبرعت عليه بتحليلاتها الخاصة فقد عللت «الدستور المصرية» بأن السعوديات أصبحن مدللات لدرجة أنهن فقدن القدرة على فهم الرجل أو يتكاسلن في بذل أي جهد لكي يتأقلمن مع الحياة الزوجية، لهذا لجأت وزارة الشؤون الاجتماعية إلى الزامهن بدورات للحد من مشاكل الطلاق. الشاهد في الموضوع ليس تحاليل واستنتاجات وسائل الإعلام العربية إنما القضية هي أن ما ورد في الخبر غير مريح أنثويا، صيغة ومضمونا. فالمضمون يحمل إشارة صريحة بأن المرأة السعودية فقدت مهارتها السلوكية الفطرية ولم تعد مؤهلة لتسيير حياتها الزوجية، الأمر الذي استدعى تدخل جهة حكومية عليا كوزارة الشؤون الاجتماعية لإلزامها بدورات تؤهلها رسميا لممارسة دور الزوجة، ومفهوم الإلزام لا يمكن تفسيره إلا أن المأذون الشرعي قريبا سيطالب المقبلة على مشروع زواج أن تتأكد من إرفاق شهادة اجتياز «دورات الشؤون الاجتماعية في النفسيات الرجالية» مع فحص الزواج الطبي ضمن الأوراق الرسمية المطلوبة لإتمام عقد الميثاق الغليظ. أما من ناحية صيغة الخبر ففي شرع النساء الصيغة صحراوية جلفة تخدش تلقائية العلاقات الإنسانية التي يفترض اكتسابها بالود والإقناع عداك أن تقتحمها جهة رسمية لترسخها بالقمع والإلزام والإكراه. إن الخبر يصيغته التي وردت في «موقع العربية نت» أقل منطقية من أن تصرح به جهة رسمية لها حجم اجتماعي كوزارة الشؤون الاجتماعية مما يرجح بأن الخبر في معظمه قد خضع لفبركة إعلامية، فوزارة الشؤون الاجتماعية لديها من الملفات الملغمة الثقيلة التي تتكافأ مع صفتها الرسمية ووزنها المجتمعي، ثم ما الذي يدعو الوزارة أن تنكب على إجراء دراسات في العلوم الإنسانية وآلاف الأبحاث حاليا تتكدس على أرفف الجامعات السعودية! وما الذي يدعوها أن تطرح مزيدا من هذه الدورات التي تنتشر في الجمعيات الخيرية ومراكز خدمة المجتمع وتطفح بها معاهد التدريب التجارية! نتوقع من إعلامنا المفوه، عندما ينقل لنا متفضلا أخبار وزارة الشؤون الاجتماعية أن يحدثنا عما تم بملف نساء السجون اللاتي انتهت محكومياتهن وما زلن يقبعن هناك لأن ولاة أمورهن يرفضون الاستلام! ويحدثنا عما تم بملف النساء اللاتي شبن وشاب أطفالهن وهن يجبن أروقة المحاكم لإثبات الحضانة! ويحدثنا عما تم بملف النساء المهجورات اللاتي تستجدين النفقة! ويحدثنا عما تم بملف النساء المعنفات المركولات صباح مساء! إن ملفات استحقاقات المرأة في الكرامة والإنصاف الإنساني أصبحت أشبه بغزلان تترنح في محمية أسود وبحاجة ملحة إلى حديث كثير.