روح الإصرار والتحدي دفعت الطالبة صباح علي عسيري لتجاوز عقباتها وانقطاع مكافأتها الجامعية وتحقيق حلمها الكبير في أن تصبح ذات يوم ممرضة للأطفال.. طمعت في النجاح فنالت هدفها في الالتحاق بالكلية التي ظلت تحلم بها، وهي الآن في المستوى الخامس بكلية التمريض بجامعة الملك خالد في أبها، لم تقف مكتوفة الأيدي أمام المعوقات التي واجهتها فكافحت كي تعمل موظفة استقبال في إحد المستشفيات الخاصة لتحقق حلمها الكبير. بدأت صباح العمل منذ عامين ونصف العام تقريبا، حيث أقدمت على تلك الخطوة الهامة مع الثبات على الدراسة، وكانت تشكو من ضعف لغتها الإنجليزية وفي حاجة ماسة لممارسة المهنة في الاستقبال، وكيف لها ذلك مع ضعف لغتها الإنجليزية مع ضعف مكافأتها الجامعية التي تغطي فقط حاجاتها الأساسية، وكانت بحاجة إلى دروس خصوصية فقررت العمل كي تتكفل بنفسها وبدروسها الخصوصية إلى جانب تخفيف الأعباء على أسرتها. رفض وقبول سألنا صباح عسيري عن موقف أسرتها وعائلتها من قرارها بالعمل والدراسة في آن واحد فأجابت بالقول: في بادئ الأمر لم يوافقوا على الفكرة حيث اعترضوا على عملي ودراستي وكان رفضهم من باب الخوف والقلق علي في عدم تمكني من التوفيق بين المهمتين ظنوا أنني لن أستطيع تحمل مسؤولية العمل والدارسة في نفس الوقت وعندما وجدوا إصراري وتمسكي برأيي أدركوا أني سأكون قادرة على التوفيق بين العمل والدراسة فاقتنعوا بوجهة نظري (أتذكر أنني في بداية أيامي بالعمل عانيت قليلا، لم أكن أعرف كيف أتعامل مع المراجعين ولم أكن أفهم طبيعة الوظيفة لكن بفضل الله تجاوزت كل المعوقات والمصاعب بمساعدة زميلاتي في العمل). أول راتب وعن شعورها لدى تقاضيها أول أجر من عملها قالت صباح: فرحت كثيرا بأول راتب لأنه من عرق جبيني وجهدي ونتاج تعبي وثمرته فأحسست بالفخر بذاتي، وأتذكر أني منحت أول راتب لوالدتي الغالية وأبقيت لنفسي مبلغا ضئيلا لدفع مقابل الدروس الخصوصية، صحيح أنني اكتسبت مهارات كبيرة خلال وظيفتي مثل مهارة التعامل مع الناس وحسن التصرف وتحسين لغتي الإنجليزية كثيرا وهو ما كنت أطمح إليه، وأزدادت خبرتي حول بعض الحالات المرضية وكيفية التعامل معها. ترتيب وطبخ سألنا صباح عن جدولها اليومي في التوفيق بين العمل والدراسة فقالت: أستيقظ صباحا وأصلي الفجر وأستعد للذهاب إلى الجامعة عند الساعة السابعة والنصف صباحا ثم أعود إلى منزل الأسرة عند الساعة الثانية أو الثانية والنصف ظهرا في بعض الأحيان حسب زحام الطريق ومرونة حركة السير في الشوارع، وأحصل على قيلولة في بعض الأحيان وعند الساعة الرابعة أتوجه إلى مقر عملي في المستشفى وأقضي بعض الوقت هناك في استقبال المراجعين وخدمتهم، وأعود بعد ذلك للمنزل عند الساعة التاسعة أو التاسعة والنصف مساء وأنهمك في مساعدة أسرتي في المنزل سواء في الطبخ أو ترتيب المنزل وتنظيفه أو مراجعة دروس إخوتي الصغار. لا مصاعب حول مصاعب التوفيق بين العمل والدراسة ترى صباح أنها لم تواجه أي عوائق أو مصاعب محتملة بل على النقيض من ذلك شعرت أن وقتها أصبح أكثر تنظيما من ذي قبل وأصبحت منظمة لوقتها أكثر من أي وقت مضى وتدرك أهمية الوقت وقادرة على تحمل المسؤولية والاعتماد على نفسها، وترى أن الفتاة السعودية نجحت كممرضة وأثبتت جدارتها (أعتقد أن المجتمع لم يعد يعارض عمل الفتاة السعودية في التمريض حيث أن أغلب الفتيات يتوجهن لدراسة التخصص والكل أصبح يثق في قدرات ومهارات الفتاة السعودية). وعن نهاية طموحها تقول أطمح أن أعمل كممرضة وبعدها أتقدم لطلب تفرغ لإكمال دراستي والتخصص في تمريض الأطفال، وهو مجال أعشقه كثيرا، حيث أن الأطفال هم أجمل ما في الحياة ويعنون لي الشيء الكثير.