صنفته مجلة التايم ضمن أهم خمسين كاتبا بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وترجمت أولى رواياته بعنوان «بوذا السبربيا» (1990) إلى عشرين لغة، وقامت قناة البي بي سي بتحويلها إلى مسلسل درامي. إنه الكاتب البريطاني (من والد باكستاني ووالدة بريطانية)، والحائز على عدة جوائز هامة، منها جائزة الويتبريد على روايته المذكورة. وفي كل أعماله تقريبا، أبدع قريشي في وصف مشاعر الاغتراب والهوية المشوشة في حياة المهجر. والرواية تسرد قصة كريم الشاب النصف بريطاني نصف باكستاني في السبعينات وحياته في ضواحي جنوبلندن وحلمه في الهروب من واقعه المتخلف إلى لندن، مدينة الأمنيات، مدينة الضباب الحالم والموسيقى والعالم الجميل الذي طالما حلم به. والملفت للنظر أن فيلم حنيف الأول «ماي بيوتفل لاوندرت» يناقش نفس ثيم الغربة وأحاسيس اللا إنتماء لثقافة المهجر وتمازج الهويات بين الثقافات المتنافرة، وما ينتج عنها من «سب كلتشر»، أي ثقافة تحتية مخفية عن الأنظار يحيا فيها الراوي حياته بالطريقة التي يختارها. وكان الفيلم من الأفلام المرشحة لنهائيات الأكاديمي أوارد في 1985. وعودة للرواية، فأكثر ما تسير أحداثها مشاعر الضياع لدى من لا ينتمي إلى مكان محدد، فلا هو غربي، الحقيقة التي تفضحها بشرته الداكنة، ولا هو شرقي لبعده عن اللغة والثقافة. والرواية أوتوبيوجرافية واقعية تروي مقتطفات من حياة قريشي نفسه، مما أغضب عائلته كثيرا. وأسلوب السرد فيها روائي أكثر منه كتابيا، ففيها لمحات تاريخية بلهجة محلية جنوبلندنية ومصطلحات من اللغة الدارجة، فهي رواية ذات موسيقى خاصة تذكر بالأدب الشفهي القديم. والرواية لها روح فن الكولاج كما لاحظ النقاد، ففيها تجميع لمشاهد متنافرة عميقة الرمزية. فبطل الرواية كريم يصطدم في لندن بشخصيات غريبة على مداركه كفرد من بلدة صغيرة. ويصعق من كشف أقنعة عديدة تعري جوانب منه لم يحب أن يعرفها، أخذ يقارن بين لهجته وحتى اختياره للكلمات مقارنة برفاقه في المسرح الذي يعمل فيه، واكتشف لأول مرة أنه لم يتلق تعليما جيدا يؤهله لاختيار ألفاظ رنانة ذات معانٍ متعددة مثلهم. بدأ كريم يعاني من أحاسيس الدونية الناتجة عن العنصرية في المدينة الكبيرة التي تئن من زحام الوافدين «الملونين» كما يدعونهم. وتمثل ثيمات العنصرية والطبقية أهم ركائز الرواية. وبرغم الشهرة العريضة التي حظي بها قريشي بعد هذه الرواية، إلا أنها قد أثارت حنق أسرته، وقاطعه والده بعدها لمدة عام كامل بسبب تمثيل الرواية البايوجرافية لوالد شخصيته كريم بطريقة مهينة، وكيف أن النقاد ربطوا بين الشخصية ووالد قريشي نفسه. وبالرغم من حنق عائلة قريشي ضده، إلا أن روايته تعتبر من أعمق روايات أدب البوست كولونياليزم الحديثة التي تمثل صراعات الإنسان الفلسفية والفكرية في التعايش مع الغربة واحتمالية توطين المهجر التي تبدو رغم إمكانيتها مستحيلة.