ينكر الكثيرون زواج الأقارب والزواج التقليدي ويرفضونه ويحكمون مسبقا بالفشل والتعثر وتوالي الأزمات عليه .. ربما أتى هذا الحكم الاستباقي لفشل بعض التجارب وعدم نجاح بعض حالات زيجات الأقارب غير أنه من غير الصواب تعميم هذه الفكرة المخلة على الجميع والوصول بهذه الفكرة إلى درجة القناعة .. فمثلما تفشل حالات زواج الأقارب تفشل وتتعثر أيضا حالات زواج غير الأقارب والذي يفشل الزواج هو عدم التهاون وعدم مسؤولية أحد طرفي الزواج .. فليس كل زواج عصري ناجح وليس كل زواج كلاسيكي فاشل.. إنما هي أقدار نعيشها بفشلها ونجاحها وتمضي الحياة ونمضي معها. القصة التالية توضح أن أكبر دليل لفشل الزيجات لا يرتبط بالعصرنة ولا التقليدية فقد ولدت ريهام بعد ابن خالها بعام واحد .. ريهام تدرس اللغة الإنجليزية في الجامعة وتقول: نشأنا وترعرعنا سويا إذ حيث كنا نسكن في بناية واحدة فيعود من مدرسته ويأتي إلى منزلنا ليلعب مع إخوتي ومعي.. ثم أعود من المدرسة واذهب إلى منزلهم لألهو مع إخوته وأخواته ومعه، وكنت إذا واجهتني مصاعب في الدروس والشرح مضيت إليه فيشرح الدرس لي .. هو دون باقي أفراد أسرته وأسرتي، وكان إذا صادف مشكلة مع معلم أو زميل له في المدرسة يأتي ليحكي لي ماحدث معه، ولم أكن أعرف سر هذا الرابط العجيب بيننا. حلوى وهدايا تواصل ريهام في مناسبات الأعياد كان يحرص على أن يشتري لي الحلوى والهدايا الصغيرة من مصروفه الخاص، وكنت أحرص أن أريه فستان العيد، وكان يحضر لي لعبة أو هدية كلما توفقت في دراستي وفي المقابل أهدية نوعا معينا من العصير كان يحبه حال نجاحه وتفوقه في المدرسة. وكلما مر عام زادت صلتنا ببعض وزاد ارتباطنا أكثر ولم نجد أنا وهو تفسير لذلك لحداثة أعمارنا فمضينا في هذا الطريق، وصلتنا تزداد يوما إثر يوم لم تهتز يوما حتى تخرجت من المتوسط والتحقت بالصف الأول ثانوي وكان هو في الصف الثاني ثانوي. انتظر قليلا تمضي ريهام في سرد حكايتها وابن خالها وتضيف أن ابن خالها أسر لوالدته عن رغبته في الاقتران بها لكنها طلبت منه الانتظار والتريث لحين استكمال دراسته فالوقت ما زال بعيدا.. كانت وكان يخشى أن تمتد سنوات الدراسة ويتقدم لها شخص آخر فيضيع الحلم والأمل.. ودخلت والدتي ووالدته في حوار حول هذا الأمر مع وعد بمناقشة الأمر مع الوالد (وعندما أخبرته جلس معي وأخبرني فكان أول سؤال له هل هذا يعني أننا سنظل معا طوال العمر.. هذا كل ما يهمني في الحياة فقد أدركت أني لا استطيع التخلي عنه وهو أيضا أدرك ذلك وأخبرني به بعد زواجنا. خير إن شاء الله كانت كلمة أبو ريهام (كله خير إن شاء الله) ثم اشترط على ابن خالي أن نكمل دراستنا سويا وألا نتوقف عن هذه المسيرة التعليمية في أي مرحلة بعد الزواج، فوعده ولد خالي بأن ينفذ الشرط، وتم عقد القران وأنا في الصف الأول ثانوي وهو في الصف الثاني ثانوي علمي، وظن الجميع أن عقد قراننا سيؤخرنا عن الدراسة إلا أن ما حدث هو العكس فقد تعهدنا بأن نفي بشرط والدي وأن نثبت للجميع بأن الحب أساس النجاح لا الفشل ونجحت بتفوق من الصف الأول ثانوي والتحقت بالقسم العلمي مثله وكان يساعدني في شرح المواد فقد كان متفوق دراسيا ونجحت في الصف الثاني وتخرج هو من الثانوية بامتياز وتزوجنا وانتقلنا إلى شقتنا في نفس العمارة التي كنا نسكن فيها. مفاجأة سارة تضيف ريهام أن الأسرة تكفلت بالسكن والأثاث إلا أن زوجي فاجأهم بأنه حصل على وظيفة في شركة، فثار والدي ووبخه بأنه أخل بالشرط المتفق عليه وهو إتمام الدراسة وكنت وقت ذاك في الصف الثالث ثانوي ففاجئهم زوجي بأنه سجل في الجامعة انتساب حتى يتمكن من أن يكون زوجا يستطيع تحمل مسؤولية زوجته ومنزله، ظل يرهق نفسه كثيرا في العمل والدراسة ومراجعة دروسه ودروسها «عندما كنت أشعر بعدم الرغبة أحيانا في الذهاب إلى المدرسة كان يحفزني ويصر علي كي أذهب وتخرجت من الثانوية بامتياز والتحقت بالجامعة، وكان قد سبقني بعام وهو ذات الوضع منذ أن كنا سويا في المرحلة الابتدائية، ثم حملت وأنا في ألسنه الأولي في الجامعة .. فظن الجميع بأن هذا نذير تركي للجامعة ولكني خيبت ظنهم فقد كان يدفعني دفعا للنجاح وكنت أدفعه للنجاح وأنجبت طفلة وواصلنا دراستنا نأخد بيد بعضنا ليس في الدراسة فحسب بل في الحياة كلها». تنفيذ الشروط تخرج الزوج العام الماضي وتحسن وضعه في العمل وهي الآن في سنة التخرج ويعود الفضل له في كل النجاح «نفذ شرط والدي وساعدني على النجاح والاستمرار في الدراسة وتمكن بأن يجعلنا نعيش حياة سعيدة وقوية فقد مضينا في زواجنا معا كما مضينا في طفولتنا ومراهقتنا معا فكذب من علق الفشل بطريقه الزواج أو بصلة القرابة، ولكن الفشل يكون للاستهتار وعدم الحب وعدم الصدق مع النفس، والكذب على الآخرين فتصبح الحياة هشة ينتج عنها الانفصال والازمات».