جميلة اسم على مسمى .. والدها أبو البنات أنجب ثماني منهن دون ذكور ومستواه المادي متوسط الحال.. تقول جميلة: أنا أكبر أخواتي وكانت لي أحلامي مثل أي فتاة بإكمال دراستي لأصل إلى درجة الدكتوراه ولكن ليس كل حلم يتحقق.. درست المرحلة الابتدائية وعندما أنهيت الصف السادس ابتدائي أخبرني والدي بأن رجلا تقدم لي وأن زفافي بعد شهرين.. قد يستغرب البعض هذا الموقف في الألفية الجديدة حيث أصبحت الفتيات يفرضن آراءهن وهم من يقررن مستقبلهن بأنفسهن. ولكن هناك بعض العائلات لا تزال تفرض على الفتاة قراراتها متناسية رغبة الفتاة ومشاعرها. تواصل جميلة: والدي فعل ذلك لأن الحمل ثقيل عليه ودخله المادي محدود ولم أتفهم هذه النظرية في ذلك الوقت وكل ما فعلته هو الخضوع لرغبته دون نقاش رغم رفضي وعدم قبولي للعريس وتزوجنا. مرت عامان وأنا أخشى أن أطلب منه أن أكمل دراستي خاصة أني أنجبت طفلي الأول. وفي أحد الأيام كنت أجلس مع والد زوجي وحدثته عن رغبتي في إكمال تعليمي حتى لا يشعر أبنائي بالحرج في شبابهم لكنه أغلق الموضوع. وبعد ذلك حدث ما لم أكن اتوقعه فوافق على ذلك وطلب مني والد زوجي شهادة الابتدائي وأرفقها بخطاب للرئاسة في ذلك الوقت وقدم لي في المرحلة المتوسطة وكنت في ذلك الوقت حاملا في طفلي الثاني وأنجبت طفلي وأنا في نصف عامي الأول المتوسط. استمر دعم أهل زوجي لي فأكملت المتوسط وبعدها أنجبت الابن الثاني ليصبح لدي ثلاثة أطفال فقررت أن أتوقف عن الدراسة فرفض زوجي ووالده ذلك وأخبراني بأن الزواج والإنجاب لا يعني قتل الطموح وأنني لم أحظ بفرصتي في الحياة بسبب زواجي المبكر. وطلبا مني إكمال مشواري التعليمي وتعهدت أم زوجي بتربية أبنائي وبكل صدق لم اشعر يوماً أني أعيش في أسرة غريبة، فأكملت الثانوي وأنا في الصف الثاني علمي ثم أنجبت طفلتي الثانية فأصبح لدي أربعة أبناء.. بنتان وولدان، وأصبحت المسؤولية أكبر حيث قرر زوجي الانتقال في منزل مستقل فرفضت فقد أصبحت جزءا من هذه الأسرة وهي جزء مني فكل فرد بها جبل علي العطاء دون حدود وعطف دون توقف وحنان بلا نهاية ودعم وتذليل صعاب فالجميع يتكاتف لإنجاح الآخر وهذا هو طبعهم دون تصنع أو تكلف حتى مع الجيران هم كذلك. رفضت أماني فكرة الانتقال إلى منزل مستقل وذهبت لأم زوجها وارتمت في أحضانها تبكي بعمق وفي هذه اللحظة شعرت بأني في حضن والدتي الذي لم أجرب دفئها يوماً فطمأنتني والدة زوجي بأنها ستحل الموضوع وبالفعل تحدثت مع زوجي وأقنعته بأن نظل معهم حتى أكمل الثانوي فوافق فكان يوم سرور للجميع واحتفلنا بأننا سنظل جميعاً أسرة واحدة .. أكملت دراستي وتخرجت بامتياز فكانت هدية والد زوجي أنه وفر لنا سكنا خلف سكنهم تماماً حتى لا نبتعد عنهم ولم أتوقع ما حدث بعد ذلك فرغم انتقالنا إلى منزلنا إلا أننا لا نذهب اليه إلا وقت النوم فقط .. وشعرت أن زوجي يرغب في الاستقلال، ولكن زوجي كان يرغب بالاستقلالية ومن المستحيل أن ارفض له طلب. وفي ليلة ونحن على العشاء سألني والد زوجي ما التخصص الذي ترغبين في الجامعة فنظرت لزوجي باستغراب ظناً مني بأن الثانوية العامة آخر محطاتي الدراسية ولكن زوجي أكد على حديث والده فتقدمت إلى الجامعة وتخصصت في الأحياء وكان زوجي يساعدني.. التحق أبنائي في المدارس وأنا الآن على أبواب التخرج كان زواجي بوابة لتحقيق أحلامي ولو ظللت في منزل والدي ربما لفشلت في إكمال المتوسط فليس كل زواج يقتل الأحلام وليس كل زوج يقف حجر عثرة في تحقيق نجاح زوجته فقد كنت محظوظة بزواج وزوج وأسرة زوج قمة في الروعة والحنان وإذا حققت أي نجاح فالفضل بعد الله يعود لهم.