الزواج علاقة قدسية رائعة تجمع بين روحين ، بهدف تكوين أسرة، ومع الوقت تصبح هذه الأسرة الصغيرة جزءًا من الأسرة الكبيرة أي (المجتمع) لذا يجب أن يكون الطرفان متماسكين معاً لمواجهة صعاب المجتمع وللتصدي لمشاكله ومن المفترض أن الزواج قسمة ونصيب ، ولا أحد في الكون يعرف أين نصيبه أو قسمته؟ ولكن بعض المجتمعات العربية مازالت تعتمد على الطريقة التقليدية في الزواج ، أي زواج الأقارب والذي عادة ما يكون زواجاً مدبراً أو متفقاً عليه والهدف منه غالباً إما الحفاظ على اسم العائلة أو ثروتها أو الاعتقاد السائد أن (القريب أحسن أو أولى من الغريب) وحول زواج الأقارب وأضراره أطرح بعض المعاناة التي قد تحدث وأهمها: الأمراض الوراثية والتي رأينا منها نماذج كثيرة جداً لأطفال أبرياء دفعوا ثمن قرابة آبائهم، كما أن الأقارب يكونون دائما كإخوة فالزواج من الأقارب يصيبهم بالفتور واصابة العلاقة بينهم بالسكون بعد فترة وجيزة جداً ، كما أن زواج الأقارب يمنع اختلاط العائلات ببعضها البعض ويمنع اندماج عائلتين مختلفتين واتحاد ثقافتين في كيان واحد يؤدي إلى إثراء المعارف الاجتماعية بينهما، وكما نعلم جميعاً بأن الزواج الغرض منه أو المقصود منه التعارف طبقاً للمبدأ القرآني: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). وليس أفضل من الزواج هنا للتعارف والتواصل كطريق شرعي ..كما أن هناك زيجات انتهت بالفشل والحسرة لأنها مبنية على الغش والخداع منذ البداية فمعظمها يكون لحماية الثروة وليس بهدف الحب والاختيار المناسب للشريكة المناسبة ، لذا نرى المشاكل تتراكم والمصائب التي تبعد بين الطرفين بل وقد تغرق العائلة كلها، ومن الأسباب أيضاً انفراد الآباء والأمهات والأجداد والجدات بالقرار اضافة إلى العادات والتقاليد التي نجدها عند البعض مع الأسف الشديد ولم ينزل الله بها من سلطان ..وهناك بعض الأسر بمجرد أن تولد البنت يتم اصدار القرارات والتوصيات بأنها لابن العم أو ابن الخال أو ابن عمتها أو ابن خالتها وأن ذلك لا رجعة فيها إطلاقاً متناسين رغبة الفتاة أو الفتى في ذلك الزواج!!. وكذلك متناسين أن من مقومات الزواج الناجح التقارب الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والتجانس معاً ، ومن وجهة نظري بأن زواج الأقارب إجبارياً يصاب بالفشل الذريع لعدم حرية الاختيار والإحساس بالقهر من الطرفين فقد يجبر الشاب أو الشابة على ذلك وتحت ضغوط خارجية قد تكون خافية عليهما ..وأما إذا كان برغبة مشتركة من الطرفين فإنه يصبح هنا ناجحاً جداً ولا يقابله أي مشاكل كونه مبنياً على التفاهم والراحة النفسية والقبول. وهناك أمثلة كثيرة نسمعها مثل: (بنت العم لولد العم ، وبنت الخال لابن الخال) و(حلاوة الثوب رقعته منه وفيه) ..الخ. يضربها الآباء لتشجيع فلذات الأكباد على الزواج من الاقارب..وهنا تتضارب الآراء حيال ذلك فأهل الرأي المعارض دائماً ما يرددون (الأقارب عقارب) و (روح بعيد وارجع سالم) و (الدخان القريب يعمي) ..الخ. وبالمناسبة قبل فترة جاءني عبرالإيميل رسالة من فتاة جامعية تقول : أنا في المستوى الثالث جامعة وعمري الآن (25) عاماً وخطيبي وزوج المستقبل يدرس في الصف الرابع الإبتدائي وعمره تقريبا (11) عاماً، إذ إن الفارق بيني وبينه (14) عاماً فهل يعقل ذلك؟!! لأن والدي وعمي اتفقا على أن نكون لبعض ..وتقول والسؤال الذي أطرحه هنا: عندما يتخرج من الجامعة ويبلغ من العمر (23) عاماً هذا إذا نجح في سنوات الدراسة بدون رسوب، يصبح عمري في ذلك الوقت (39) عاماً فهل سيقبل بزوجة شارفت على الأربعين ؟ وإن قبل هل سيكتفي بزوجة واحدة في سن أمه مثلاً أو أنه سيبحث عن فتاة صغيرة في السن ليلحق بقية عمره ، بعد أن فقدت شبابي وصحتي ؟!. - أحبائي - إنها مأساة فعلاً ..فهل يعيد الآباء وأولياء الأمور حساباتهم ويرحموا فلذات أكبادهم ؟!! سؤال متروك لهم لكي يجاوبوا عليه والله من وراء القصد. همسة : الظلم ظلمات وسهام الليل لا تخطيء