يطل أمير مكةالمكرمة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز على البقاع المقدسة في مهبط الوحي مكةالمكرمة وهو مرتديا لباس الإحرام مساء اليوم وفي أول مباشرته الرسمية، حيث يطوف بالبيت العتيق ويسعى بين الصفا والمروة، طالبا من الله العون في مهمته الجديدة، مدركا أن محور التنمية الحقيقي ينطلق من الكعبة المشرفة في بيت الله الحرام. وبين الركن اليماني ومقام إبراهيم يمضي سموه في أداء مناسك العمرة مساء اليوم، رافعا يديه صوب السماء بأن يجعل قدومه لمكةالمكرمة وأهلها خير له ولها، وهو ما يتطلع إليه أهالي مكةالمكرمة. الأمير الطموح الذي سيبدأ في تولي زمام الإمارة يدرك أن ثمة تحديات كبيرة على طاولته، ولاسيما أن التنمية العمرانية في مكةالمكرمة رسمت ملامحها من خلال المخطط الشامل الذي طرحته هيئة تطوير مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة في 21 مخرجا، يحوي نظم المعلومات الجغرافية، ومراجعة مخططات واستراتيجيات التنمية السابقة لبناء استراتيجية النمو والتنمية، والدراسة السكانية الشاملة. ورغم المنجزات التي شهدتها مكةالمكرمة إبان تولي الأمير خالد الفيصل حقيبة الحكم الإداري فيها، إلا أن التحديات في المستقبل ستكون ماثلة أمام الحاكم الإداري الجديد لكنه سيمضي في مواجهتها مرتكزا على الخطط الشاملة والاستراتيجية الدائمة التي رسمت سابقا، ومن أبرز التحديات المقبلة التي شخصتها الدراسات ما يعرف بالهاجس الحقيقي لأهل مكةالمكرمة وهو الإسكان، فبعد أن توقع مخطط مكةالمكرمة الشامل الأفق الزمني له 30 عاما ينتهي في 1462ه، سيبلغ مجموع السكان دائمي الإقامة 3.8 مليون شخص، وفي هذه الحالة يتم وضع حدود بناء استنادا على الاستغلال الأمثل للقدرة الاستيعابية للمواقع والتوفير والتوزيع الأنسب للخدمات والمرافق والنقل، ولهذا الغرض تم استخدام توقعات الزوار لاختبار وتحديد القدرة الاستيعابية والحركة وقابلية النفاذ للمواقع المقدسة، يستند المخطط الشامل على التوقع المقيد البالغ 4 ملايين حاج بحلول عام 1462ه، وبإشغال المواقع المقدسة وفق طاقاتها الاستيعابية خلال موسم الحج، سيزيد التدفق من عدد المعتمرين، خصوصا لمن سبق لهم أداء مناسك الحج من قبل. أهالي مكةالمكرمة الذين يتطلعون لمزيد من الحراك التنموي من أميرهم الجديد رأوا ضرورة مواجهة أزمة السكن في مكةالمكرمة في ظل تنامي المشاريع التطويرية التي أزالت ما يزيد على 28 ألف عقار في شتى أحياء المدينة، حيث كشف المخطط الشامل عن وجود ما يزيد عن 100 أسرة سعودية لا تمتلك مساكن في مكةالمكرمة، بل تقيم في وحدات سكنية مستأجرة. منح أراض بديلة الأمير مشعل بن عبدالله سيعمل وفق المقتضيات الحالية بالتنسيق مع وزارتي الإسكان والشؤون البلدية والقروية للتحرك لدراسة برنامج منح أراض بديلة يسمح بأن يتم توزيع منح الأراضي على شكل وحدات سكنية يمكن تحمل تكاليفها في المدينة، للمساعدة في توجيه التطوير إلى المناطق التي تتوفر فيها الخدمات ومواقع الأعمال ومسارات النقل العام لا سيما في المدن الرئيسية كمكةالمكرمةوجدة وذلك وفق ما رسمه مخطط مكة الشامل، كما أن التحدي الآخر الذي يتصدى له أمير مكةالمكرمة كشفه المخطط الشامل والماثل في أن معاناة هذه الأسر تزداد لكون الدخل الشهري لما نسبته 55 في المائة من الأسر السعودية (عموما) في مكةالمكرمة يقل عن ثلاثة آلاف ريال، في حين يصل الدخل الشهري لما نسبته 35 في المائة إلى أقل من ستة آلاف ريال سعودي وأكثر من ثلاثة آلاف ريال، وبالمثل يسكن ما يزيد على 100 ألف وافد في وحدات سكنية مستأجرة، ويبلغ معدل القيمة الإيجارية الشهرية للوحدة السكنية العادية ما يقارب 2500 ريال سعودي، فإن معظم السعوديين والمقيمين (مستأجري الوحدات السكنية) لا يستطيعون تحمل تكاليف السكن في مكةالمكرمة. ولأن مكةالمكرمة مهوى أفئدة وخليط من الجاليات التي دفعتها ظروف خاصة للاستيطان بها، لن يغيب عن أمير مكةالمكرمة هاجس إسكان المقيمين غير السعوديين، بعد أن طالبت الدراسة بالتخطيط لتوفير ما لا يقل عن 60 ألف وحدة للعمال على مدى الأعوام ال30 المقبلة، بمعدل عشرة آلاف وحدة في برنامج لكل خمسة أعوام (أي بمعدل 2000 وحدة سنويا)، وبينت الدراسة أنه على المدى الطويل، ستكون هناك حاجة لما لا يقل عن 150 ألف وحدة سكنية يمكن تحمل تكلفتها بحلول عام 1462ه (2040م)، لرفع مستوى الملكية وللحد من معدل الإيجار بين المواطنين.