لمى.. طفلة صغيرة، خرجت مع والديها لتشبع براءتها، وترسم على الرمال حلمها، تصنع كومة من الرمل ثم تبعثرها، تجري تلعب مع أختها تناجي دميتها وكان القدر في انتظارها، وفوهة بئر -معطلة- تتربص بها.. سقطت لمى.. غابت لمى... في غيابة الجب.. سكن جسدها الغض.. واحتضنتها الأرض.. ألم السقوط.. وظلمة البئر الغادرة... ووجع الفقد.. وأنين براءة.. ليرفع الستار عن مشهد أليم ومسلسل بحث مرير.. حيث الجرافات والآليات شرعت بعمليات البحث لاستخراجها، جهود جبارة، وإن كان يتضح افتقارها للخبرة لمثل هذه الحالة، ومرت الأيام وتلاشى الأمل ودفن حلم خروجها على قيد الحياة.. وانقضى عام 2013 على قصة سقوط لمى المؤلمة، لتشرق شمس عام جديد وتنزلق لمى من يدي الأمان لتهوي لمسافة أبعد، وتهوي معها قلوب الملايين. طفلة حبست أنفاس العالم تعاطفا معها وخوفا عليها، ولكنها ذهبت لمن هو أرحم وألطف منا بها، ورفعت الملايين أكف الضراعة لله بأن يجبر مصاب والديها ويعين أهلها وذويها، رحلت لمى إلى بارئها، رحلت بعد أن أهدتنا دروسا للحياة، وكشفت قصتها زيف كثير من مرضى القلوب الذين ما فتئوا في خضم الحدث ينتقصون من كيان البلاد مستغلين تعاطف الناس مع الطفلة، محاولين ركوب موجة تلك العاطفة، وسقطت أقنعة وجوههم القبيحة، ففي نقدهم تجد الهجوم غير المبرر والبعيد عن الموضوعية، كما كشفت قصة لمى مدى سرعة انتشار الشائعة في مجتمعنا، وقلة وعي كثير من العابثين في وسائل التواصل الاجتماعي... رحم الله لمى الروقي وألهم والديها الصبر والسلوان. ياسر أحمد اليوبي