مدينة الرياض عاصمة بلادنا الحبيبة، هي وإن كانت تعد مدينة حديثة في معظم أحيائها التي تكاثرت عبر العقود القليلة الماضية، إلا أنها مثلها مثل أي عاصمة أخرى لا تخلو من الأحياء الفقيرة القديمة والمهملة. وغالبا يكون سكان تلك الأحياء من ذوي الدخل المحدود وفيهم أسر تعاني من التفكك وإهمال الإشراف التربوي على الأطفال، خاصة حين تكون الأسرة في رعاية الأم وحدها بعد وقوع ظرف اجتماعي أودى بالأب كموته أو مرضه أو سجنه أو للطلاق أو لغير ذلك من الأسباب، فما يغلب على الأمهات في تلك الأحياء أنهن غير متعلمات وبلا عمل ولا يتقن أي مهارة، فضلا عن أن بعضهن سرعان ما تنهار صحيا تحت ثقل وطأة الحمل الذي تقوم به، فيزداد وضع الأسرة سوءا. وهذه الأحياء في أغلبها، تعاني من سوء الخدمات المتاحة فيها فالمساكن أكثرها قديم مهملة صيانته، والطرقات غير نظيفة وتجري في بعضها مستنقعات الماء فتكون بيئة مثالية لتكاثر الحشرات والبكتيريا والفيروسات المؤثرة على الصحة العامة، والمستوصفات إن وجدت فيها، تكون غالبا متهالكة في مبناها ويغلب على العاملين الصحيين فيها تدني الكفاءة وغياب المتابعة والإشراف الجيد عليهم. وكذلك الحال بالنسبة لمدارس الحي، فهي أيضا مماثلة في حالها للمستوصفات من حيث رداءة المباني والتراخي في الاشراف والمتابعة وتدني مستوى جودة المعلمين والمعلمات. إن ترك هذه الأحياء بلا تدخل من الجهات المعنية بخدمة المجتمع، لتطويرها ومعالجة ما فيها من مشكلات، أمر يتنافى مع أهدافنا التنموية، لذلك من الخير أن تتولى وزارة الشئون الاجتماعية الإشراف على إقامة مجالس لإدارة الأحياء، يكون أعضاؤها ورئاستها من المتطوعين من سكان الحي نفسه أو غيرهم من الراغبين في المشاركة في تطوير الحي. ويكون للمجلس مسئولية متابعة شئون الحي كتفقد حال المستوصفات والمدارس والمساجد والطرقات والماء والكهرباء، إضافة إلى تقديم بعض الخدمات التعاونية الاقتصادية كإنشاء صندوق الحي على غرار صناديق الطلبة التي تعينهم اقتصاديا وقت الحاجة، وكذلك بعض الخدمات الاجتماعية كإنشاء حضانات وروضات مجانية لأطفال الأمهات العاملات، وتخصيص ساعات يومية بعد العصر في مدرسة الحي لمساعدة الطلاب والطالبات الذين لا يجدون من يساعدهم في حل واجباتهم، وكذلك متابعة الحالة الأمنية في الحي وحل النزاعات بين السكان سلميا، إلى جانب إقامة الندوات التوعوية والتثقيفية والاحتفالات الترفيهية كالاحتفال بمناسبات السكان السارة وغيرها، للتقريب بين سكان الحي وخلق روح المودة والتعاون داخلهم. ويمكن الإنفاق على هذه المشاريع عن طريق الرعاة والمحسنين وهم بحمد الله كثر، مع ضرورة أن يكون هناك تعاون بين وزارة الشئون الاجتماعية وبقية مؤسسات المجتمع كوزارات الصحة والتربية والتعليم والبلدية والشرطة وغيرها. إن تطوير هذه الأحياء ورعاية سكانها، عامل جوهري في حفظ المجتمع من أن تتحول بعض أحيائه إلى محاضن تفرخ المجرمين والمعاقين والعالة على الآخرين، أو أن تكون محطة تصدر الفساد الأخلاقي وتنشره في كل مكان، فضلا عن كونه واجبا وطنيا في دعم التنمية والنهوض بالمجتمع.