في ظل الظروف المعاصرة المليئة بالتعقيد الاجتماعي والتقني، وارتفاع الأسعار، والتضخم والبطالة، وسوء إدارة الأموال، والتبذير أحيانا في مناسباتنا الاجتماعية، وفي ظل ضعف الروابط الاجتماعية، والتفكك الأسري أحيانا، وسيادة العنف الأسري والاجتماعي أحيانا، فإن وجود لجان الأحياء الأهلية بات أمراً ضرورياً لزيادة عوامل الترابط الاجتماعي من جانب، وأيضا لحماية المجتمع من الاختراق الاجتماعي، ومن المخدرات، ومن الفكر المنحرف، أيضا إضافة إلى التواصل بين الشباب، وكبار السن ضمن منظومة تربوية عربية إسلامية. ولعل هذه الأطر تتطور إلى أطر اقتصادية، كالجمعيات التعاونية، التي تهدف تمكين المجتمع من مواجهة ارتفاع الأسعار، والتضخم، وأيضا محاربة البطالة، ومحاربة التستر، والأغذية المنتهية الصلاحية، ضمن سلوك اجتماعي تعاوني، يوفر ربحية مادية، واعتبارية لهذه الأحياء، ويسهم مع الدولة ومؤسساتها في محاربة القيم الغريبة عن مجتمعنا، والمساهمة في رفع درجة حصانته الداخلية وتفعيل دور الفرد، والمجتمع في الحي الذي يسكن فيه. لجان الحي الأهلية تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية وتدعمها بالقليل من المال مشكورة وهدفها تحقيق التواصل الاجتماعي وتقوية العلاقات الأخوية بين أفراد وسكان الحي فيما يعود بالنفع على الفرد، والأسرة، والمجتمع، والوطن، وهي لجان تساعد وتشجع على المشاركة في جهود تنمية الحي، وتطويره، وتلمس احتياجاته، من صحة، وتعليم، ونقل وبلديات، وغيرها من الخدمات الأخرى التي تخدم سكان الحي. وتساهم هذه اللجان في تكريم المتفوقين في المدارس، والإشراف على عدد كبير من النشاطات الصيفية للشباب والشابات، ودعم حلقات تحفيظ القرآن، ونقل الطلاب، وتأسيس المكتبات الخيرية وافتتاح معهد لتعليم الحاسب للسيدات، واستثمار الطاقات النسائية في الحي للأنشطة الاجتماعية والثقافية، وتحقيق الترابط الاجتماعي بين سكان الحي، واستثمار أوقات الشباب وكبار السن في البرامج والأنشطة النافعة، وإنشاء الأندية الاجتماعية، وتجهيز الملاعب، والصالات المناسبة، وزرع القيم الإسلامية، والاجتماعية والعادات الحميدة. وعليه فإن دعمنا لهذه اللجان الخيرية والإنسانية، هو تعبير حقيقي عن إنسانيتنا وكرامتنا، وعن واجب وطني مهم نحتاجه دائما، ونحرص على رعايته، والاهتمام به، وزرعه في نفوس وعقول شبابنا، فالغرب تقدم مسافات كبيرة في العمل التطوعي، والإنساني، والوقف الخيري، وجعل من هذه الأمور ثقافة، وتقاليد إنسانية وطنية سامية، رغم أن جوهر ديننا الإسلام، ومحور رسالته يحثنا على فعل الخير والبعد الإنساني. ولكن الوضع الحالي لمراكز تنمية لجان الأحياء الأهلية والاجتماعية متواضع جداً وغير مرض حيث يتخذون من البيوت السكنية المستأجرة مقراً لهم، وهناك كثير من المصاعب والمعوقات المالية تواجه هذه اللجان، فدعمهم ومساندتهم ماليا ومعنويا واجب وطني، وخاصة من الحكومة، ورجال الأعمال والميسورون من أبناء هذا الوطن المعطاء، من أجل تعزيز دوارهم الاجتماعي والاقتصادي والإسهام في علاج المشكلات والظواهر السلبية في الحي، وتنمية روح التفاعل والتعاون الاجتماعي والاقتصادي، وتطوير بيئة الحي، للمحافظة على المكتسبات الحضارية للوطن، والمساهمة في تنميته. لذا ومن باب واجب وطني، فإننا نتمنى دعم اللجان الأهلية للأحياء ماليا، ومعنويا، حيث إن هدفهم خيري وإنساني، وليس هدفهم الحصول على الربح المادي، بل خدمة أفراد ومجتمعات الحي لذا نأمل من جميع المؤسسات العامة، والخاصة، والخيرية، ورجال الأعمال والصحافة، والإعلام المرئي والمسموع، وقنوات التواصل الاجتماعي، بذل الجهد والتفاعل مع هذه المساعي الحميدة والخيرة لبلدنا ومجتمعنا، حتى تحقق مقاصدها وأهدافها، وتلبي احتياجات كل لجان الأحياء في جميع أنحاء المملكة. [email protected] مستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية