رفض الجامعة العربية للمقترحات الأمريكية التي قدمها الوزير كيري للرئيس الفلسطيني أبو مازن مؤخرا بالسماح لتمركز جنود إسرائيليين على الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية يعكس التمازج والتوافق السياسي بين الدول العربية والسلطة الوطنية الفلسطينية التي تواجه الصلف والعنجهية الإسرائيلية والانحياز الأمريكي لتحقيق مصالح تل أبيب وتقاعس واشنطن حيال استحقاقات السلام في الشرق الأوسط. وبمواصلة إسرائيل سياساتها الرافضة لعملية السلام ومحاولتها ترسيخ قواعد جديدة للمفاوضات مع الفلسطينيين وأطروحاتها السقيمة التي ترغب من خلالها في التهام مشروع الدولة الفلسطينية وتغيير الحقائق على الأرض الفلسطينية، تكرس تل أبيب مواقفها الضاربة لقرارات الشرعية بعرض الحائط وتؤكد استمرارها لرفض الاعتراف بحقيقة كونها دولة احتلال بحق الشعب الفلسطيني وإنشاء دولته وعاصمتها القدس. وهذا ما يتضح جليا في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الذين يزعمون تقديم تنازلات مؤلمة ستقوم بها لصالح الفلسطينيين وعملية السلام وكأن ما اغتصبته عدوانا وظلما عبر الاحتلال بات حقا مكتسبا يمكن لإسرائيل أن تحتفظ به أو تتنازل عنه. من جهة أخرى، المطلوب من الإدارة الأمريكية، التي فقدت مصداقيتها وأصبحت وسيطا غير نزيه في عملية السلام، تجاوز المرحلة اللفظية في الضغط على إسرائيل كي تثبت من جديد أنها وسيط نزيه يمكن الاعتماد عليه دون محاباة وانحياز فاضح لتل أبيب ومنع إسرائيل من بناء المستوطنات التي تعتبر عدوا للسلام وعائقا رئيسيا لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية والتوصل لاتفاق سلام يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة تعيش جنا إلى جنب مع إسرائيل. أما الجانب العربي، فالمطلوب منه استمرار الضغط على الراعي الأمريكي وضرورة تحميله الحكومة الإسرائيلية مسؤولية إعاقة تحقيق السلام، وعدم الاكتفاء بانتقاد الاقتراحات الأمنية الأمريكية التي تحقق المطالب الأمنية الإسرائيلية التوسعية فقط بل تحريك المجموعة العربية في الأممالمتحدة بالتنسيق مع الاتحاد الأوروربي واللجنة الرباعية لعملية السلام لاستصدار قرار أممي جديد يحمل إسرائيل مسؤولية إعاقة السلام والتشبث بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدسالشرقية والتأكيد على الثوابت العربية ودعم المفاوض الفلسطيني للوصول لتحقيق تسوية نهائية لقضايا الوضع الدائم بما يشمل القدس والحدود والمستوطنات لكي يعم الأمن والسلام في الشرق الأوسط.