أفتى رئيس جمعية حقوق الإنسان خلال ندوة نظمتها هيئة مكافحة الفساد بعنوان «دور المؤسسات التعليمية ومؤسسات المجتمع المدني في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد»، أنه لا ينبغي التشهير بالمفسد ولو ثبتت إدانته، كون ضرره يشمل أسرته التي لا ذنب لها ويصل لمن حوله من قرابته. تذكروا أن هذا رئيس هيئة للدفاع عن حقوق الإنسان، ويفترض بداهة أن هذا الإنسان شريف مظلوم أو منتهكة حقوقه الإنسانية وليس سارقا منتهكا لحدود دينه أولا وحقوق أسرته ثانيا ومجتمعه ثالثا، ومن قبل ومن بعد مسيئا لسمعة دينه ووطنه. أعرف أن التعاطف والتعاضد المجتمعي شعور نبيل ولكن ليس مع مجرمين سارقين لقوت شعبهم، أعرف أن الجمعية تزور السجون وتدافع عن المتهمين والمدانين معا لصيانة حقوقهم المدنية لكن ليس لدرجة الدفاع عمن تثبت إدانته بحجة مراعاة حقوق أسرته، هذا دفاع متعد على حقوق المجتمع، كيف نتعاطف مع أسرة واحدة لفاسد ونتغاضى عن آلاف الأسر التي مسها ضرر الفاسد لدرجة القتل وإن اعتبر غير العمد، ضحايا سيول جدة أقرب مثال، إلا إذا كان سعادة رئيس الجمعية أشد حنانا من الوالدة والمولدة على المولودة. لو كان التشهير عقابا متعديا يشمل أقرباء السارق، والفاسد سارق للمال العام سواء بالرشوة أو باستغلال المنصب، لرفضنا حد السرقة الذي لم يراع فضيحة المقطوعة يده أمام أسرته وقبيلته ومجتمعه، الستر الذي يطالب به سعادته وبغض النظر عن مخالفته لحد شرعي، يعني في التحليل النهائي أن نلف مكان الجرح دون تنظيف وأن نألف منظر المستنقع دون تجفيف وأن ندفن رؤوسنا في الرمل دون تخويف. إذا كان هذا موقف جمعية لحقوق الإنسان من منتهكي حقوق مجتمعاتهم فلا نستغرب والحالئذ تراكم القضايا عليها لأنها ستساوي بين حقوق أسرة الجلاد وأسرة الضحية، ولا أدري ما فعلت بقضايا رفعت لها من أسر متضررة من الفساد، أكثر من هذا لن نستغرب إذا صرحت الجمعية الأخرى لمكافحة الفساد أن التشهير لا يجوز، أو إن قال ديوان المراقبة إنه ليس من اختصاصه. يظل هناك قول فصل وأهم، القضاء ما وجهة نظره الشرعية، أيمكن قياس الفساد، أقله أشد أنواعه ضررا، بالسرقة، لا أطالب بقطع يد الفاسد، إنما أسأل عن حكمة الشريعة بقطع اليد، أليس للتشهير! أم أنه سيلفها حتى لا يراها الناس كما يطالب سعادة رئيس جمعية حقوق الإنسان بلف جرح الفاسد؟.