يقدم لنا نشاط جمعية حماية المستهلك مثالا لتبديد الجهد وتداخل وازدواجية العمل بين دوائرنا الحكومية، فبعد تعثر إنشاء الجمعية لفترة بدأنا نقرأ عن نشاطها وتصريحاتها الإعلامية، لكن لا أعلم إن كان في الاتجاه الصحيح أو هو ضمن مناشطها النظامية، تبحث عن جهودها في الأسواق فلا تجد شيئا يذكر، بل تجد الأسعار ما زالت في ارتفاعها الجنوني دون كابح، تسأل كم حالة ضبطت الجمعية سواء في سوق الجملة أو التجزئة أو في البقالات أو حتى في حلقات الخضار فلا تجد شيئا، فضلا عن التشهير بمخالفي أهدافها. مع ذلك وجد للجمعية نشاط جانبي هامشي، أقله لا يتماشى مع أهدافها، تبدى في نزاعها مع جهات حكومية، السؤال المحير لم تقحم الجمعية نفسها في معارك لا علاقة لها بالمستهلك ونحن أحوج ما نكون لخدماتها في معركة الغلاء، لم أدخلت نفسها في إشكالية معارضة قرار وزارة العمل لتوطين الوظائف، لم رفعت طلبها بوقف تنفيذ القرار لمجلس الشورى وهو ليس مرجعها، لم رفعت دراسة لوزارة المالية لتحديد أسعار المساكن، وليس لوزارة التجارة وهي مرجعها أو لوزارة الإسكان صاحبة التخصص، هل، ومع كامل الاحترام للجمعية ورجالها، حجمها أو تسلسلها الإداري في سلم هيكلة الدولة يتيح لها عرفا أو نظاما معارضة قرار اتخذه مجلس الوزراء؟ هل من حق جمعية لحماية المستهلك، مهما كانت وجاهة رأيها، الاعتراض على أهداف استراتيجية للدولة تمس التخطيط بعيد المدى، ألا تعمل الجمعية ضمن منظومة إدارية واجتماعية تتضافر جهودها لخدمة المجتمع، أليس مهما، والحالئذ، أن تتكامل الجهود لا أن تتعارض لخدمة ذات الهدف. جمعيات حماية المستهلك في كل الدول تحظى بالهيبة والاحترام كأقوى المؤسسات المدنية، بل يخشاها كافة التجار لقدرتها التأثير في نسب أرباحهم وسمعة محلاتهم عند المستهلكين باستخدام سلاح الدمار الشامل، التشهير، ضد التجار المتجاوزين، بينما جمعيتنا المأسوف على شبابها خلقت بعيب خلقي، الاعتماد على تمويل التجار، فلا تكتفي بعدم مواجهتهم بل تسعى للدفاع عن مصالحهم مما يتعارض مع مصالح من وجدت لخدمتهم. [email protected]