ما إن غربت شمس يوم عرفة وأذنت ليوم الحج الأكبر بالرحيل بعد غياب امتد عاما، إلا وبدأ الحجيج في رفع الأكف بالدعاء لله وهم يسابقون الشمس قبل غروبها، حيث إنه وقت تستجاب فيه الدعوات، وفي تلك اللحظات التي يجلس فيها الحاج يكاشف ربه بذنوبه وهو أعلم بها، ويطلب مغفرته وعفوه ورحمته. يقول الحاج عبدالله السيد: «إن مجرد الإحساس بأن الله سبحانه وتعالى يباهي بالحجيج أهل السماء فيقول (هؤلاء عبادي أتوني شعثا غبرا يرجون رحمتي ويخشون عذابي أشهدكم أني قد غفرت لهم).. مجرد هذا الإحساس يجعل المرء يزداد دعاءا بأن يجعله الله ممن غفر لهم في ذلك اليوم ومن أعتقهم الله من النار قبل غروب شمس يوم عرفة، حيث في هذا اليوم تتنزل الرحمات من رب السموات وتضيق الأرض بمن نزل من أهل السماء». وأضاف: «في ذلك اليوم تبدأ ولادة الإنسان من جديد ويعود كمن انسلخ من جلده القديم المليء بالذنوب والمعاصي، ولكن أصعب اللحظات وأقساها على قلب الحاج هي تلك التي صاحبت وداع شمس يوم عرفة»، مشيرا إلى أنه في يوم عرفة يحرص الحاج على أن يختتم يومه بالدعاء والتوجه إلى الله بدعاء ملح عن ما في نفسه، امتثالا لقول خير عباد الله صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير».