في أجواء مفعمة بالإيمان، وبقلوب يملؤها الخشوع وبألسنة تهتف بالتلبية والتكبير والتهليل، تتوجه قوافل الحجيج في هذه الأيام إلى المشاعر المقدسة بمكة المكرمة لاستكمال مناسك الحج الذي أتوا له من كل فج عميق مودعين مدينة المصطفى (علية الصلاة والسلام)، بعد أن أدوا الصلاة في المسجد النبوي الشريف وتشرفوا بزيارة الرسول الكريم والسلام عليه، اقتداء بقوله صلى الله عليه وسلم إذ قال: من حج فلم يزرني فقد جفاني. فبعد أن زاروا بعض المواقع الإسلامية كمسجد قباء والسبعة المساجد وشهداء احد وغيرها من المواقع الإسلامية بالمدينة النبوية، وهاهم اليوم تتوجه قوافلهم مودعين المدينةالمنورة بدموع الفراق وبقلوب يعصرها الشوق إلى هذه البقعة الطاهرة. جموع الحجاج الذين يكتظ بهم ميقات أبيار علي واكتست على أثرهم ارض الميقات بلون الإحرام الابيض وقد اختلفت جنسياتهم وألوانهم واشكالهم ولهجاتهم وتوحد مقصدهم، فهاهم يودعون طيبة الطيبة وأعينهم تناظر نور المدينة من نوافذ الحافلات وألسنة تسأل الله أن يكتب لها القبول. «عكاظ» تجولت مساء أمس في ميقات أبيار علي والتقت بعدد من الحجاج وهم يغادرون المدينةالمنورة في طريقهم إلى المشاعر المقدسة لإكمال هذه الشعيرة العظيمة حيث رصدنا مشاعر الفرح الذي اختلط بحزن فراق أرض طيبة الطيبة. يقول الحاج عبد الغفور حمودة من جمهورية مصر: «كم هي قاسية لحظات الفراق ونحن نودع فيها طيبة الطيبة منبع النور فقلوبنا تتقطع للبقاء بها فكم كنا مشتاقين لها ونحن في بلدنا، فالمدينة بلد الخير فيها سيد الخلق واطهرهم، فكيف لا نشتاق لها ونتحسر على فراقها فنحن اليوم نودع هذه البقعة المباركة الشريفة، فكيف لا نحزن ونحن نودعها فكم نحن سعداء في تلك الليالي التي قضيناها فيها يالها من ليال عشنا فيها حياة السعداء. فيما تحدث الحاج محروس السنيون من جمهورية مصر، مشيرا إلى أنهم لفراق هذه البقعة الطاهرة لمحزونون، وأضاف «فكم كنا نشتاق لها وللسكن فيها فأتينا إليها فعشنا فيها أياما سوف أسجلها في تاريخ حياتي لما لها من مكانة عظيمة في نفوس العالم الإسلامي فالمدينة بلد خير وبلد الرسول الكريم شفيع الخلق ونسأل الله أن يكتب لنا في هذه الأيام التي قضيناها الأجر والثواب وان يرزقنا بشفاعة سيد الخلق أجمعين. أما الحاج طارق محمود شاب في مقتبل العمر من جمهورية لبنان الشقيقة فقد قال: إنني ولأول مرة في حياتي آتي إلى المدينةالمنورة ففقط كنت أشاهدها عبر التلفاز ويعلم الله كم كنت أتمنى أن يوفقني الله بزيارتها والحمد لله من الله علي بهذه الأمنية التي كنت أتمناها فجئت إلى المدينة وأمضيت فيها بضعة أيام تسوى حياتي كلها، لما أحسست به من راحة نفسية وإيمانية، فاليوم لا تسألني عن شعوري ونحن نودع المدينة، فشعوري لا يقل عن شعور أم فقدت فلذة كبدها، فنحن نودع المدينة اشعر في نفسي بحزن عميق على فراق طيبة الطيبة التي كم كنت أتمناها. أما الحاجة إيمان من جمهورية لبنان أيضا فقالت والألم يعتصرها وهي تكفكف دموع الفراق، للمدينة طابع خاص في نفوس المسلمين فهي مدينة الرسول شفيع العباد فكم كنت أتمنى أن أبقى فيها طيلة حياتي لما شعرنا به من راحة نفسية طيلة الأيام التي قضيناها بها ففعلاً أنها الحبيبة فالمدينة حبيبة المسلمين في كافة أقطار الدنيا. اما الحاج محمد قائد من جمهورية اليمن الشقيقة فقال: إننا نودع في هذا اليوم طيبة الطيبة التي قضينا بها أجمل الأيام بجانب المصطفى نسأل الله أن يكتب لنا الأجر والمثوبة فإننا اليوم نودعك ياطيبة بقلوب حزينة ومشتاقة للعودة لك. من جهة أخرى سجل فرع وزارة الحج بالمدينةالمنورة مغادرة 542556 حاجا، وذلك حتى يوم أمس الأول، والذين غادروا عبر كل من مركز حجاج الهجرة ومركز حجاج البر ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز وسط منظومة من الخدمات التي تقدم لضيوف الرحمن.