تشهد أسواق المشالح حركة دائبة من قبل المتسوقين لشراء مشلح العيد، ويفضل الكثير أن يكون أحسائي الصنع لجودته وفخامته وتميزه، حيث اشتهر الأحسائيون بصناعة النسيج منذ القدم، وأشهرها صناعة المشالح التي انتقلت إلى بعض البلدان العربية. وتتركز صناعة النسيج في كلٍ من مدينتي الهفوف والمبرز، ويقوم عليها عدد من الأسر المعروفة تمتهن صناعة الأقمشة من خيوط الغزل المحلي المأخوذ من صوف الغنم أو وبر الإبل وقد تنامت هذه الصناعة مع مرور الزمن حتى أصبحت تجارة ضخمة. يقول الباحث في التراث الشعبي سعيد بن عبدالله الوايل «من أهم الدول التي استقطبت الحرفيين الأحسائيين دولة البحرين والتي كانت تشكل مركزا أو ملتقى للحرفيين من الأحساء والقطيف وعمان وسواحل فارس بسبب الحركة التجارية والاقتصادية النشطة بها وتعد حرفة المشالح من أهم الحرف التي هاجر أصحابها إلى مناطق مختلفة في الخليج لأهمية هذه الحرفة ودورها الاجتماعي ولما عرف عن ابن الأحساء من قدرة فنية وذوقية في حياكة وتطريز المشلح الخليجي بأشكالٍ فنية بديعة، وأدت تنقلات الحرفيين إلى زيادة حصيلتهم المعرفية واستفادتهم من الأشكال والأنماط الفنية في البلدان التي سافروا إليها، وبالتالي امتزاج ثقافتهم وخبراتهم بالآخر كما ساهمت بعض السلع التجارية والمنسوجات التي كانت تفد إلى المنطقة من دولٍ مختلفة في إثراء مخيلة الحرفيين» ويؤكد الوايل بأن الأحساء من المجتمعات العريقة والمستقرة الأمر الذي استوجب تعدد الأنشطة اليومية التي أدت إلى ازدهار وتطور الفنون والصناعات الحرفية مما مكنها من الوصول إلى درجة عالية من الإتقان فقد ذكر (وليام بالجريف) في وصفه للحرف الأحسائية بأن المشالح المصنوعة في الأحساء لا مثيل لها في أي مكانٍ في العالم. ويعد المشلح الحساوي أرقى أنواع المشالح في العالم إلا أن صناعته تواجه العديد من المعوقات والتحديات وقد تقلص حجم مبيعاته السنوية إلى 20 مليون ريال ولأجل ذلك نفذت غرفة الأحساء ورشة عملٍ لأقطاب هذه الصناعة والمهتمين بها من أجل مناقشة واقعها، وتقديم مقترحاتهم لتطويرها والنهوض بها وإنقاذها. وبين المدير التنفيذي لجهاز السياحة في الأحساء علي الحاجي رؤية الهيئة العامة للسياحة والآثار في الاستثمار في الحرف والصناعات اليدوية وبالتحديد صناعة المشالح والتي تنطلق من كون النشاط الحرفي إرثا وطنيا ومجالا لتوفير فرص العمل ومصدرا لتنمية الموارد الاقتصادية وعاملا لإنعاش الحركة التجارية والسياحية، حيث تسعى المملكة إلى تنمية قطاع الحرف والصناعات اليدوية تنمية متوازنة ومستديمة تحقق تنوعا اقتصاديا وثراء اقتصاديا. وأشار إلى أن رؤية الهيئة المستقبلية تتمثل في التنسيق مع الشركاء، وتوفير فرص عمل لكافة فئات المجتمع من الرجال والنساء والطلب المتزايد على الصناعات اليدوية وتصدير بعض المنتجات الحرفية للخارج، وإيجاد مجمعات للحرفيين ومشاركة المتطوعين من الأهالي. وقال الدكتور نذير عليان الأستاذ المشارك في جامعة الملك فيصل: لتوسيع النشاط التسويقي للمنتج وبصفة خاصة على المستوى الدولي يجب استخدام تكنولوجيا التجارة الإلكترونية، حيث يمكن بيع المنتجات لأشخاص في البلدان البعيدة مباشرة من الأحساء، وأكد أن توسيع نطاق تسويق المشلح الحساوي يمكن من خلال التفكير في شراكات مع علامات تجارية في مجالات أخرى وهي تجربة قامت بها العديد من الشركات العالمية في مجال المنتجات الفخمة. وحول أبرز التحديات والمشاكل التي تواجه صناعة المشالح الأحسائية ذكر أنور الجوهر أحد المشتغلين بالصناعة أن من أبرز تلك التحديات صعوبة توفر بعض المواد الأولية، وتحكم بعض الموردين في هذه المواد باحتكارها وارتفاع الأسعار والعزوف عن الشراء، ومنافسة المستورد للصناعة اليدوية المحلية على حساب الجودة، وأشار إلى أن العمالة والتدريب من أهم الإشكاليات التي تواجه هذه الصناعة مبينا أن قلة الأيدي الوطنية في هذه الصناعة والتوجه للوظائف أثر كثيرا عليها، بالإضافة إلى ارتفاع أجور الأيدي العاملة، ودخول العمالة الخارجية على هذه الحرفة مما سبب رداءة في المشلح الأحسائي، إضافة إلى مزاحمة الأيدي الوطنية، وشدد على ضرورة تركيز المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني على الحرفة بإنشاء برامج تدريبية متكاملة.