أكد عضو الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة الدكتور برهان غليون أن الذهاب إلى مؤتمر «جنيف 2» لا بد أن يكون مرتبطا بضمانات دولية بأن يتوقف نظام بشار الأسد عن القتل والتدمير، وإلا ما جدوى مثل هده المؤتمرات. وقال غليون في حوار ل«عكاظ» إنه حتى ولو تم الاتفاق الروسي الأمريكي على حل الأزمة السورية، فإن هذا لن يتم بالقفز على مصالح الشعب السوري، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق غير مقدس ويمكن تعديله بما يتوافق مع مصالح الشعب السوري. وأكد غليون أن معركة القصر ليست المقياس الحقيقي الذي يمكن من خلاله رؤية مسار الثورة، مشيرا إلى أن المعركة مع نظام الأسد طويلة وتحتاج إلى مزيد من الدعم من الأصدقاء لإلحاق الهزيمة بأكثر الأنظمة طغيانا على وجه الأرض.. فإلى تفاصيل الحوار: هل تؤيد الذهاب إلى مؤتمر «جنيف 2»؟. لن نتردد في الذهاب إلى أي مؤتمر سلام، شرط أن نتأكد من أنه سيوقف القتل والتدمير، ويقود الشعب السوري إلى حقوقه وتمكينه من بناء دولته الحديثه لكل أبنائه. والبعض يرى أن الاتفاق الروسي الأمريكي لا يلبي مطالب الشعب في التخلص من نظام الأسد، لذا فإن هذا الاتفاق أو الصيغة التي تم التوصل إليها ليست مقدسة ولا يجب أن نتردد في المطالبة بتعديلها حتى نضمن مصالحنا. فلا أحد يقرر بالنيابة عن الشعب السوري. فالاتفاق في النهاية يعكس وجهات نظرهم، ويستجيب لمصالحهم، لكن للشعب السوري أيضا مصالحه وله الحق في أن يكون شريكا في تقرير مسار الحل السياسي. هل تثقون بجدوى هذا المؤتمر بعد أكثر من مبادرة انتهت بالفشل؟. حقيقة، لاحظنا أنه بعد الإعلان عن مؤتمر «جنيف 2» والتوصل إلى اتفاق روسي أمريكي، بدأت الأمور تسير في سورية بشكل لا يوحي بالثقة. وأريد أن أورد هنا أربعة أمور مريبة في نية الأطراف الأخرى. أولها إطلاق النظام، بدعم كامل من قبل الحكومة الروسية وإيران، لأوسع هجوم عسكري على مواقع الثوار لتعديل ميزان القوى وتسجيل نقاط تسمح له بفرض شروطه عمليا. وثانيها إعلان روسيا عن نيتها بتسليم منظومة صواريخ (إس 300) المتطورة، ثم دفعة طائرات مقاتلة جديدة من نوع ميغ 29 لتعزيز قدرة النظام على متابعة حرب تدمير المدن وتعقب الثوار وملاحقتهم في مواقعهم، وثالثا الانخراط الواسع لحزب الله وبقية الميليشيات الشيعية في كل المنطقة في الحرب، بمباركة موسكو. وأخيرا الخطاب الصلف لرأس النظام الذي قوض مفهوم «جنيف 2» نفسه، عندما أصر على أن يبقى قائدا للجيش والقوى الأمنية، وأن يخضع أي اتفاق إلى استفتاء «شعبي» أي مخابراتي. إذن عم تبحث المعارضة وسط هده الشكوك؟. نحن لا نبحث عن تسوية مع النظام، ولا عن مخرج للأسد الذي يرتعد خوفا من مواجهة القانون، بعد أن أجرم بحق شعبه إجراما لا سابق له في تاريخ البشرية، ولم يعد أمامه أي مخرج سوى تسليم البلاد لقوى الهيمنة الإقليمية والدولية، أي لإيران وروسيا، فالمطلوب أن تدخل المعارضة المفاوضات لتربحها، أي لتشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة، مع الاتفاق على وقف النار والقصف والقتل والدمار، وإطلاق سراح المعتقلين، والسماح لمنظمات الإغاثة الدولية بالعمل بحرية في كل المناطق، وحل مشكلة المهجرين واللاجئين، وتشكيل قوة مراقبة فعالة لتأمين الحماية للمدنيين، وتحديد سقف زمني واضح وقصير لبدء التنفيذ على الأرض. ماذا عن معركة القصير وسيطرة قوات النظام عليها؟. الثورة لا تتوقف عند معركة القصير، فالمعركة مع هذا النظام طويلة ومستمرة، والمعارك جولات ولا أريد أن أتحدث عما جرى في القصير كونه لا يعكس واقع الثورة وليس المقياس الحقيقي. دكتور برهان.. برأيك ما العمل المطلوب لإحداث النقلة في الصراع، سواء من السوريين أو العالم؟. بالفعل المعارضة السورية بحاجة إلى إحداث تحول نوعي في أداء قوى الثورة، السياسية والعسكرية والمدنية، وذلك من خلال العمل مع الأصدقاء العرب والغربيين. لا بد من العمل بشكل وثيق مع دول الخليج وبقية الدول الصديقة والتشاور معهم والتنسيق معهم في أي خطوة على ألا يؤثر ذلك على القرار السوري. يقال إن لديك تصورا أو مشروعا إن صح التعبير لعمل المعارضة.. ما تعليقك؟. ليس مشروعا بالمعنى الحقيقي، بقدر ما هو تصور أو برنامج إن أمكن القول، هو برنامج إصلاح وطني فعال على ثلاثة محاور رئيسية: الائتلاف، والجيش الحر، وبناء التحالفات العربية والدولية. فقد استطاع الائتلاف بعد التوسعة الأخيرة أن يشمل أكبر عدد ممكن من أطياف المعارضة السورية، لذا ينبغي أن يتحول الائتلاف إلى جبهة وطنية عريضة تكون الواجهة السياسية، ومن عيوب الائتلاف: نقص الكفاءة وضعف الأداء نتيجة سوء النظام الداخلي وافتقاده إلى آليات سليمة لاتخاذ القرار وتكوين بيئة قيادية فاعلة. فالواقع ليس للائتلاف أي محرك يشد القاطرة ويعمل على بلورة الرؤية والخط والقرار. وماذا عن الجيش الحر؟. بالرغم من وجود هيئة الأركان، يفتقر الجيش الحر، وكل من يتبعه من كتائب، للخطط والتنظيم والسلاح والذخيرة والموارد المالية اللازمة لإعالة الأفراد. في مثل هذه الحال تتفاقم النزعة لأن تعمل كل كتيبة حسب مشروعها الخاص، وأن تتضارب مصالح الكتائب فيما بينها، وتتنافس على السلاح والذخيرة والمعونة المالية، وأن تزداد الكتائب التي لا شأن لها بالثورة ولا القتال. الآن لا تزيد نسبة القوى المقاتلة بالفعل عن 20 بالمئة من القوة الموجودة. والسلاح مكدس والمقاتلون عاطلون في أكثر من مكان، بسبب غياب أي إدارة أو قيادة مركزية لنشر القوات واستخدامها لتطبيق خطط واضحة، في الوقت الذي نجح النظام فيه في تنظيم نفسه وزج كل قواته وخاض معارك في كل الجبهات دفعة واحدة. هناك جدل في الأزمة السورية، حول بقاء الأسد إلى العام 2014 ما هو رأيك في هذا المقترح؟. لن تتمكن كل المبادرات أو المراوغات من إنقاد نظام بشار الأسد الغارق في دماء الشعب السوري، لكن هناك مخاطر كبيرة من استمرار الوضع من دون حسم لا تقل سوءا عن بقاء النظام، بما في ذلك الفوضى والحرب الداخلية المعممة والصوملة والتقسيم. ومثل هذه الاحتمالات الخطيرة لن تعني خسارة الثورة وأهدافها في الكرامة والحرية فحسب ولكن الوطن نفسه. وما يقال حول إمكانية الحل السلمي للأزمة السورية، فأعتقد أن منطق الحسم العسكري هو الذي لايزال سائدا لدى كل الأطراف، بما في ذلك موسكو وطهران، والثورة والنظام، حتى الآن. ولم يحصل في العمق أي اتفاق جدي بين الدولتين الكبيرتين. المؤتمر الدولي الذي دعا إليه كيري ولافروف لايزال في نظري مجرد فكرة مضللة هدفها التغطية على عدم الاتفاق هذا والعمل على تخدير الرأي العام السوري والدولي، الذي يستنكر على درجة واحدة من القوة وفي الوقت نفسه تورط موسكو في الحرب الإجرامية على الشعب السوري، لكن وفي كل الأحوال لن نوفر أية فرصة في محاولة إنقاذ سورية من آلة الإجرام المنظمة التي يمتلكها الأسد بدعم حلفائه وأعداء سورية.