لم يكن إبداع فتيات منطقة جازان في حاجة لعناصر الجمال ليجد فرصته مترجما على صور من الواقع، في وقت باتت المصورة الفوتوغرافية في المملكة بشكل عام وفي جازان بشكل خاص تجد نفسها محاصرة بين عوائق النظرة السطحية للهواية أو المهنة كاحتراف من محيط أسرتها، وبين النظرة التضييقية التي يفرضها المجتمع من حولها فلا تستطيع التحرك بحرية لرصد مشهد عام أو حتى حدث. لكن الملفت للنظر أن الفتاة في جازان حملت على عاتقها عبء الكاميرا ومعاناة التقاط الصورة، ومع ذلك كانت الصورة أحلى، في وقت مازالت تطارد حلمها في أن تفتح العدسة عيونها لتلتقط ما طاب لها من خيرات وسحر الطبيعة. نزيهة فقيه مصورة فوتوغرافية تمارس التصوير منذ أربع سنوات ولكن ما زالت تعاني من تخطي العقبات التي تواجهها ولكن استطاعت أن تؤقلم عائلتها وزوجها على هوايتها وممارستها، وتقول: في البداية كنت أعاني من إحراج حمل الكاميرا نفسها داخل المجمعات والتصوير وأحيانا استياء بعض الناس من التصوير لأنها ملفتة للنظر وهذا السبب الذي كان لا يحبذه زوجي، وربما أحاول أن أتجاوز محارم الآخرين حتى لا أقع في لبس معهم، وفي بعض الأحيان أكون في السيارة وأشاهد منظرا أو لقطة ربما لن تتوفر لي مرة أخرى فأتمنى أحيانا النزول، إلا أنني اضطر للتغاضي عنها لعجزي عن إيقاف السائق أو ربما لا أجرؤ أيضا على حمل الحامل وعدة التصوير في الأماكن العامة لأنه ربما أمر مزعج لكل البنات لأنه متعب ومزعج ومرهق نفسيا للفتاة فهي ليست مثل الرجل، حيث إنه بالنسبة لنا حريتنا تعد مقلصة وحركتنا قليلة جداً لذلك نضطر للتصوير داخل المنزل أو في تجمعات للنساء فقط، إلا أنه يزعجني جدا لو قوبلت بالرفض من ولي أمري في ممارسة هوايتي المفضلة للذهاب لتجمعات البنات. وتسرد المصورة إخلاص عسيري أول المعوقات في الأهل والناس والبيئة، لأن القلة من يتقبلون فكرة أن الفتاة يمكنها أن تخرج من المنزل لكي تصور خاصة أن كثيرا من الناس ينظر للمصورة على أنها تفعل شيئا خاطئا. وتشير إلى أنها في بداية الأمر: كنت أقف في مكان واحد، وأرفض فكرة التنقل من هنا إلى هناك، إلا أنني في نهاية المطاف قررت الانضمام إلى قروب المصورات الجيزانيات واستفدت الكثير منهن. وتعيب المصورة فداء عبدالرحمن التي انضمت للتصوير منذ سنة، نظرة المجتمع، لأنها أكبر معوق يقابل الفتاة لأن المجتمع يختصر هذه الموهبة للرجال فقط، وأيضا لا يوجد دعم كامل للتصوير النسائي أبدا ولا توجد مؤسسات لدعم هذا الشيء، ولو كان طاقم عمل كامل يتألف من فتيات فقط لكان الأمر ناجحا، ويمكن تجاوز تلك المعوقات بتوعية العائلة بذلك لأن التصوير لا يقتصر على الرجال فقط بل ربما تكون أفكار الفتاة في التصوير أرقى وأجمل، وأيضا بعض العائلات يرفضون حضور أو مشاركة بعض الفتيات في المعارض لذلك من الأفضل عمل بعض المعارض الخاصة بالنساء دون تدخل الرجال بها. واقترحت الفوتوغرافية التي تعتبر أصغر مصورة بمنطقة جازان منى مصطفى (12 سنة) بأن تكون هناك هوية للمصورات واهتمام بالغ لهن خاصة أنها منذ الصغر تعشق الكاميرا. وتدعو المصورة ذكرى سالم إلى تدخل من هيئة السياحة لتهيئة الأماكن لتتحول إلى لوحات جمالية يمكن تصويرها، لأنها في الأول والأخير المسؤولة عن ذلك الشيء فبعض الأماكن السياحية والتراثية مغرية للتصوير ولكننا نصادف أن المكان مليء بالنفايات أو أي شيء يعوق الصورة، ونضطر أن ننظف المكان بأنفسنا لكي نلتقط صورة جميلة تليق بالموقع. وتقول فاطمة دردبي: هواية التصوير من نعومة أظافري ولكن الممارسة الفعلية والمشاركات في المعارض من ثلاث سنوات فقط لعدم وجود أماكن تحتضن إبداعاتنا منذ الصغر، فما زالت رغبتي محصورة فأنا أطمح بتصوير الطبيعة والتعمق فيها وتصوير الأماكن العامة أيضا والمواقف الملفتة للنظر لكن اشعر بالإحراج لحملي الكاميرا في أي مكان وأشعر بعدم الراحة ولكني متفائلة جدا بتخطي جميع المعوقات بالتشجيع وزيادة مقدار الجرأة قليلا. وتعتقد المصورة خديجة بكري الشهيرة بأم دانة أن أكثر الصعوبات التي واجهتها تمثلت في عدم قدرتها على الوصول إلى ما تريده من أماكن للتصوير، فيما تعتبر المصورة عبير المرواني أن قلة الوعي من المجتمع تعيق وصول الفتاة إلى هدفها خاصة في مجال التصوير الاحترافي فلا دورات تدريبية ولا تشجيع. وتقترح المصورة نسيم عداوي أن تبادر الجمعيات باحتضان المصورات وتدريبهن، بالإضافة إلى أهمية اهتمام منطقة جازان بالمصورات والمصورين خاصة أن العدد أصبح يتجاوز الألف، إلا أنه للأسف كل منهم يعمل بشكل فردي وفي معزل عن الآخرين. وترى داليا أبوراسين وحنان زين ورقية مبروك وفرح محمد بأن عدم وجود الأندية الرسمية أو الجهة الرسمية المعتمدة والمتكاملة التي تكون متوفرة فيها جميع مقومات النجاح لدى المصورة، عائق أمام احترافية الفتيات للتصوير، خاصة أنه يصعب توفير معدات التصوير لأنها مرتفعة التكلفة، مشيرات إلى أنه يجب ألا يقتصر العمل على التصوير السياحي ليتسنى للمصورات المشاركة في المعارض العالمية و أيضا المحلية والخليجية. دمج الهاويات والمبتدئات أشادت مسؤولة لجنة التصوير الفوتوغرافي بجمعية الثقافة والفنون رؤى الجعر بإبداعات فتيات المنطقة، مبينة أن عدد المنسوبات للجمعية من الفتيات تجاوز الثلاثين فتاة بخلاف الشباب فعددهن يفوق عددنا وما زالت الجمعية فاتحة أبوابها لجميع من يريد الانضمام بها، مشيرة إلى أنها عمدت مؤخرا إلى تأسيس قروب خاص فقط للفتيات وحرصت على دمج الهاويات والمبتدئات في التصوير لتبادل الخبرات بين بعضهن فبدأنا نحصد ثمار جهدنا وستتم إقامة معرض خاص بنا قريبا.