تعكف جهات مختصة على إعداد التدابير اللازمة لمحاصرة منشآت تمارس النشاط التمويلي دون أخذ التراخيص اللازمة من مختلف الجهات الحكومية المعنية في المملكة؛ وذلك بعد دراسات أكدت نتائجها على وجود أضرار اقتصادية، وأخرى اجتماعية. وتتمثل أبرز الأضرار الاقتصادية في مسألة غسيل الأموال التي يمكن ضخها، بعد استيفاء طرقها الملتوية في حسابات المنشآت الممولة.أما أبرز الأضرار الاجتماعية فيتمثل في إبقاء شريحة كبيرة تحت وطأة الأقساط التي تفتت الدخل الشهري لفئة محدودي الدخل، وإبقائهم في مستوى اقتصادي لا يستطيعون النهوض منه، أو قد يتطور الوضع إلى ملاحقة المتعثرين من قبل الجهات الأمنية المعنية. وطبقا للتنسيقات المشتركة التي سيتم تنفيذها من قبل بعض الجهات الحكومية ذات العلاقة، سيجري منع تلك المحال من الإعلان عن أنشطتها من خلال توجيه مواقع الإعلان إلى حجب تلك الإعلانات، بالإضافة إلى البدء في ملاحقة المنشآت المخالفة وتخييرها، إما بالتحول إلى وضع نظامي يتيح مراقبة الحركة المالية لها أو الانصياع لنوعية النشاط المقيد في السجل التجاري، أو تطبيق الأنظمة بحق المخالفين. وحول أنشطة تلك الشركات المخالفة،أوضح عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة المدينةالمنورة محمود رشوان أن التمويل عبارة عن نشاط تجاري يتطلب وجود ترخيص من جهات الاختصاص كمؤسسة النقد السعودي، ووزارة التجارة والصناعة التي تصدر سجلا تجاريا يتعلق بنشاط التمويل مبني على الترخيص الصادر عن جهات الاختصاص لأنه لا ينفع الحصول على سجل تجاري نشاطه خاص بالتقسيط، ثم يستغل فيما بعد لممارسة أعمال التمويل فهذا مخالف تماما. وأضاف أن ما يحدث في السوق حاليا هو أن المنشآت التي تمارس عمليات التمويل تبدأ في تجميع الأموال، تمهيدا لإتمام عمليات إقراضية من خلال شراء بضائع وبيعها، وعند النظر في طريقة تجميع الأموال التي تتم في مثل هذه الأنشطة يتضح بما لا يدع مجالا للشك أنها تتم بطريقة مخالفة للأنظمة، والمشكلة الأكبر أنها تأخذ طابع المساهمات، لكن في صورة أخرى تماثل بعض القضايا التي تفجرت بسبب هذه التمويلات. وقال «إن الأنظمة تمنع تجميع الأموال، وتشغيلها في إطار ما يعرف غالبا باسم «توظيف الأموال»، دون الحصول على التراخيص اللازمة التي تتيح تأدية ذلك العمل وفق ضوابط صارمة، وتحت متابعة من قبل الجهات المعنية. وعن أفضل الحلول لتحويل مثل هذه الأنشطة من وضعها المخالف إلى ما يتسق مع النظام، قال: إن ذلك يتمثل في حصول تلك المنشآت على ترخيص شركة مساهمة من قبل وزارة التجارة والصناعة، أو تحويل منشآتهم إلى شركات مساهمة، أو التحول إلى ما يعرف ب «شركة محاصة» بحسب نظام الشركات المعمول به في المملكة. رشوان ذكر أن شركات المحاصة تتكون من خلال عقد في فترة زمنية محددة، وبعد مضي المدة ينتهي العقد المبرم من خلال التصفية، وقال: إن شركات المحاصة عبارة عن عمل متاجرة مؤقت يقوم بناء على عقد شراكة في وقت معين، وتنطبق عليها كل شروط الشركات، ولها جميع أركان العقود المتعارف عليها في الشركات التجارية لكن لا تسجل في وزارة التجارة، ولا تسجل في كتابة عدل. وحول نوعية المساهمين في مثل هذه المنشآت التمويلية، قال: هم كثيرون ومن مختلف الطبقات، وقد فوجئت بشخص على قدر من العلم، والمعرفة، والاطلاع يبيع منزله من أجل تقديم قيمة المنزل المالية إلى شخص يعمل في مجال التمويل والإقراض، وحين ناقشته حول مخاطر ما فعله أكد أن الشخص الذي يتعامل معه ثقة ومضمون، وهذه العبارة سمعناها كثيرا في مساهمات انتهت فيما بعد إلى مشاكل قضائية كبيرة منذ عدة سنوات بعضها مازال قيدد المداولات في المحاكم. وعن غسيل الأموال، قال رشوان «إن نشاط تجميع الأموال وتوظيفها من خلال عمليات التمويل يفتح بابا كبيرا على مصراعيه لتنفيذ عمليات غسيل أموال. وأضاف: هذه العمليات تتطلب متابعة من قبل الجهات الحكومية المختصة لاكتشافها، لذلك يكون من الضروري الحصول على التراخيص اللازمة من أجل المساعدة في تنفيذ آليات الرقابة بصرامة، ولحماية السوق المحلية من هذه الآفة الخطيرة التي يمكن ممارستها عبر هذه الأنشطة التي تقدر نسبة الضخ فيها بعشرات الملايين من الريالات. رشوان حمل جهات حكومية عدة مسؤولية تفشي ظاهرة هذه المحال التمويلية، وقال: مع الأسف أن إعلانات التمويل منتشرة في مختلف المواقع أو في اللوحات الإعلانية المنتشرة في الشوارع، وكان الأدعى بوزارة التجارة من خلال أجهزتها الرقابية في كافة فروعها في المناطق العمل على محاصرة هذه الأنشطة، وإلزامها في حال رغبتها في ممارسة نشاط التمويل التحول إلى الوضع النظامي، أو إغلاقها لأن من يرفض التحول إلى إطار نظامي ويستمريء الخطأ والمخالفة يثير العديد من الشكوك حول حقيقة وأهداف نشاطه. وحول الإجراءات التي يمكن للجنة التجارية في الغرفة اتخاذها في هذا الشأن، قال: لقد بحثنا هذه المشكلة، وحصرنا فيها المحاذير، والمخالفات المرتكبة، وجرى إصدار توصية لرفعها من خلال الغرفة إلى الجهات المختصة للوقوف على هذه المعضلة التي تشير إلى وجود سوق غير محكوم مع الأسف لحماية المستثمرين من أي ضربة مفاجئة تكون ضحيتها أموالهم.