يهجس أهالي محافظة الكامل بحزمة من التطلعات مع زيارة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة للمحافظة بعد غد، إذ أجمع عدد من أهالي المحافظة أن تطلعاتهم تتمثل في كبح جماح الأودية الخمسة التي تسبب لهم الخوف، فضلا عن تنفيذ مشروع السقيا وسفلتة الشريان المتعرج وتحديد النطاق العمراني الذي يعطل حراك التنمية في المحافظة -على حد قولهم-. وفي هذا السياق فإنه في كل مرة تبدأ قطرات المطر بالتساقط على محافظة الكامل (150 كلم شمال جدة) يدب الشعور بالخوف في قلوب الأهالي خوفا من تكرار المآسي المتلاحقة والتي سببتها السيول الجارفة على المحافظة والتي لا ترحم صغيرا ولا توقر كبيرا، وبعد أن كان الأهالي قديما يفرحون ويهللون ويحتفلون بذبح الضان وتناول العشاء مع بعضهم فرحا بهطول المطر، بات الخوف من الكوارث ومن فقدان الأبناء والأقارب هو الهاجس الأكبر خصوصا مع افتقار المحافظة لمشاريع الجسور التي تقيها شر السيول المنقولة. ومع زيارة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة للمحافظة بعد غد الاثنين تبرز مشكلة غياب مشاريع تصريف السيول في المحافظة الجبلية المحاطة بالأودية من كل مكان. وأضاف الأهالي أن الطبيعة الجغرافية للمحافظة والتي أوقعتها على سهول جبال السروات تسببت في وقوعها في مرمى الخطر باستمرار، حيث يصب في الكامل أكثر من خمسة أودية كبيرة يبلغ طول أقصرها ما لايقل عن 40 كلم. ويرى رزيق ضيف الله السلمي أحد سكان المحافظة أن الحاجة باتت ماسة لضرورة إنشاء جسور في عدة مواقع لدرء خطر السيل وحماية الأهالي من أهوال الأمطار. وأضاف: البعض يلوم المواطنين على مجازفتهم بقطع السيل وهو في انجرافه، ولكن عندما ترى مواطنا يعلم بأن أبناءه خلف السيل وفي منزل متهالك ويخشى عليهم من سيل منقول أو صواعق أو انهيارات في المنزل فإنه يرمي بنفسه لينقذ فلذات كبده. ويكشف ماجد ردة الله عن أبرز الإشكالات التي يتعرضون لها بعد هطول المطر، ويقول: تتوقف كل فعاليات الحياة تقريبا ليومين ولا نستطيع إنقاذ مريض أو متابعة حياتنا بشكلها الطبيعي ليومين متتاليين على الأقل. صالح البقيلي أحد سكان مركز حرة الشرع شمال المحافظة والتي تهطل عليها الأمطار بشكل متواصل قال ل«عكاظ»: المطر يكشف رداءة المشاريع عادة، وعندما تم الانتهاء من مشروع ربط الشرع بطريق الهجرة (المدينة، مكة) من الغرب وبمحافظة الكامل شرقا، فوجئنا بعد هطول الأمطار بأن بعض المواقع لم يعمل المقاول على وضع عبارات لمرور السيل خصوصا في وادي شواحط والبحرة ووادي النظيم، ويضطر الأهالي للانتظار لعدة أيام حتى يخف السيل. على الجانب الآخر فإن الأهالي يتطلعون لوصول المياه المحلاة إلى المحافظة عن طريق رابغ، إذ تعاني عدة آبار مثل بئر العين في مركز الحرة شمالي المحافظة وبئر عين ضرعا شرق المحافظة وغيرها من الآبار التي تضخ المياه من مئات السنوات من الإهمال وعدم صيانتها بالشكل المطلوب. وكان فرع وزارة المياه في محافظة الكامل قد أعلن عن مشروع السقيا الجديد لتوزيع أكثر من 18 ألف طن من المياه شهريا على أكثر من78 قرية وهجرة تابعة لمحافظة الكامل، لكن المشكلة تتمثل في صعوبة الإجراءات الخاصة بطلب الماء حيث يتطلب ذلك إصدار كرت شهريا للمواطنين وهذا يعد صعبا على بعض المواطنين. من جهته أوضح عبدالعزيز عبدالرحمن: لعل مشكلة المياه من أبرز تلك المشاكل التي تعترض طريق التنمية أمام محافظة الكامل، فرغم المشاريع الجديدة التي أطلقها سمو أمير المنطقة من خلال إنشاء خمس خزانات مياه إلا أنها تحتاج للتأكد من جودة المياه المستخرجة من الآبار خصوصا وأن البعض يشكك في صلاحيتها للشرب واحتمالية احتوائها على بعض المعادن المضرة للجسم البشري. وعلى أحر من الجمر ينتظر أهالي الكامل توفير العديد من الاحتياجات البلدية التي تعاني المحافظة من نقصها منذ فترة طويلة وتحتاج إلى تدخل عاجل من أمير منطقة مكةالمكرمة. ويطالب الأهالي بضرورة تعجيل تحديد النطاق العمراني الذي لم ير النور منذ سنوات، وتحريك مخططات المنح المتعثرة التي تأتي على رأس قائمة المتطلبات العاجلة حتى تتوفر الحياة الكريمة في المحافظة التي تبعد عن جدة 100 كلم شمالا. ويشرح عبدالرحمن الاذيني تلك المطالب: لعل من أبرز الاحتياجات مشكلة النطاق العمراني والتي أوقفت تطور المحافظة بشكل لافت. ويوضح عليان مصلح قضية جوهرية أخرى يرى بأنها ذات أهمية للأهالي ويقول: لعل من الملاحظ أن هنالك هجرة عكسية بدأت خلال الثلاث أعوام السابقة خصوصا بعد أن تم إيصال الطرق الإسفلتية إلى أغلب مراكز المحافظة وإنارتها بالكهرباء ومن ثم افتتاح فرع جامعة الملك عبدالعزيز بالكامل حيث بدأ أبناء المحافظة الذين غادروها من عشرات السنوات في العودة إليها بعد توفر أغلب مناحي الحياة إلا أن الصدمة التي فوجئ بها البعض إيقاف إيصال الكهرباء للمنازل في تلك المراكز والهجر. ويقول عبدالله المستوري أحد من عادوا للسكن في محافظة الكامل: بعد أن توافرت الكهرباء والمياه والسفلتة عدت إلى هجرتي التي عشت فيها بداية حياتي وعاش فيها أبائي وأجدادي وبنيت لي منزلا صغيرا للسكن على الأقل خلال أيام إجازتي الأسبوعية والسنوية وبعد الانتهاء منه فوجئت برفض إيصال التيار الكهربائي للمنزل بحجة أنني بنيت المنزل بعد عام 1424ه. ويضيف: حاولت مرارا وتكرارا دون فائدة ولا أعلم لماذا يطبق نفس نظام المدن الكبيرة على الهجر والقرى والتي لا توجد عليها أي خلافات أو نزاع على الأراضي، في حين أن الدولة تعمل جاهدة منذ سنوات لتوطين سكان الهجر في قراهم ولكن من المستحيل أن يسكن أحد وشركة الكهرباء والبلدية ترفض إيصال التيار إلى منازلنا. ويمثل طريق الكامل الوحيد الرابط بين محافظة الكامل وجدة مصدر الأرق الرئيس لأهالي الكامل، حيث يواصل ممارسة هوايته القاتلة في اصطياد المارة ونثر الأحزان في المنازل ولا يمر شهر أو شهران بدون مأساة على ذلك الطريق المتعرج. يقول مقبول الاذيني ذو السبعين عاما: لابد من إنشاء طريق مزدوج يربط بين خط الهجرة السريع ومحافظة الكامل والمقدر ب 100 كلم مرورا بقرى العقلة والقرية لإنهاء معاناة الأهالي الذين لا زالوا يتذكرون العديد من المآسي التي حدثت هناك. ويتداخل حبيب بادي وغزاي عتيق بقولهما «المعاناة تتفاقم أثناء هطول الأمطار حيث يتعرض العابرون عليه لخطر مداهمة السيول دون سابق إنذار ومن يستطع الإفلات من الماء يضطر في أحيان كثيرة إلى البقاء ليوم أو يومين عالقا لا يستطيع المرور لعدم وجود الجسور اللازمة لدرء تلك المخاطر». ويقول الشيخ عواض السالمي: من أبرز المشاريع المتعطلة مشروع ازدواج طريق الكامل خليص والذي مازال يحصد في كل عام العديد من الأرواح على أسفلته القديم وبين عقباته الصعبة ورغم أن البلدية تفضلت بتنفيذ ازدواج الطريق الرابط بين محافظة الكامل ومخطط الحرة إلا أن الحاجة ما تزال ملحة لتقوم وزارة النقل باعتماد الطريق بشكل سريع والبدء في ازدواجه خصوصا بعد أن زاد الإقبال على المحافظة من أهلها عقب افتتاح فرع لجامعة الملك عبدالعزيز. وتستمر معاناة الأهالي مع طريق الكامل المفزع والذي حصد المئات من شبابهم بعد أن ترددت وزارة النقل كثيرا في تنفيذه رغم مخاطره وأهواله التي زارت كل منزل من منازل سكان المحافظة. يقول غزاي عتيق أحد سكان المحافظة: نستبشر خيرا بزيارة أمير منطقة مكة السنوية للمحافظة ولقد رأينا تحسن العديد من الخدمات المقدمة للمواطنين باستثناء الطريق الذي لم يحرك ساكنا حتى الآن. ويضيف: هناك أرواح تزهق على الطريق، ومئات المعلمات اللآتي يستخدمنه يوميا وسط وترقب وقلق عوائلهم في جدةومكة والمحافظات المجاورة، ومازلنا ننتظر أن تعلن وزارة النقل بدء المشروع المتعثر والذي لم ينطلق حتى الآن. ويستطرد: ليست المسافة بالكبيرة أو المعسرة للوزارة ومشاريعها الضخمة، فالمسافة لا تتجاوز ال 80 كيلا تقريبا وعشرات الآلاف ينتظرون أن يسمعوا خبرا مفرحا حول ذلك.