في كل مرة يبدأ هطول المطر على محافظة الكامل (150 كيلو مترا شمالي جدة) يدب الشعور بالخوف في قلوب الأهالي خشية معاودة مآس شهدتها المنطقة بسبب السيول الجارفة التي لا ترحم صغيرا ولا توقر كبيرا، وكان آخرها غرق الطفل زياد السلمي في وادي سيل أمام ناظري والده المكلوم. كان الأهالي قديما يفرحون ويهللون ويحتفلون بالمطر ويذبحون الضان فرحا بالغيث لكن الوقائع الأخيرة والكوارث وفقدان الأبناء والأقارب ظل يثير فيهم صنوفا من الهاجس مع افتقار المحافظة لمشاريع الجسور التي تقيها شر السيول المنقولة. 5 أودية ومصب واحد الطبيعة الجغرافية للمحافظة والتي أوقعتها على سهول جبال السروات تسببت في وجودها بمرمى الخطر، حيث يصب في الكامل أكثر من خمسة أودية كبيرة يبلغ طول أقصرها 40 كلم.حيث يقع وادي شوان شمال المحافظة، ويبدأ من أطراف محافظة المهد شمالي المدينةالمنورة، ويتواصل على امتداد عشرات الكيلو مترات حتى يصب في الكامل، ويمضي السيل في سرعة مخيفة من مكان مرتفع إلى الأودية والسهول في الكامل، وبالقرب منه يقع وادي وبح الذي يبدأ من جبل شمنصير (40 كلم شرقي المحافظة) ومركز القعور ووادي ضرعا حيث يجري بسرعة كبيرة نتيجة انحداره الشديد، وثالث الأودية السبعان ويصل سيله من العياب وغربي جبل شمنصير شاهق الارتفاع. رابع الأودية وادي نخب الذي يأتي بالسيل من أقصى شرق المحافظة، وخامس الأودية وادي سايه والذي تبدأ حدوده من مرتفعات محافظة المهد الجنوبية في اتجاه هجرة أنبوان التي تبعد عن المحافظة بنحو 100 كيلو متر شمالا إلى جانب أودية حرة الشرع، وتلتقي الأودية الخمسة معا في قلب المحافظة لتشكل واديا كبيرا يقف في سد المرواني على حدود محافظة خليص أو يتجاوزه ليصب في البحر الأحمر بين جدة وثول عبر أودية أخرى. المغامرون .. يتحملون المسؤولية عبدالله السلمي أحد سكان المحافظة يرى أن الحاجة باتت ماسة لضرورة إنشاء جسور في عدة مواقع لدرء خطر السيل وحماية الأهالي من أهوال الأمطار. وأضاف: خلال الأمطار الأخيرة والذي راح ضحيتها الطفل زياد تقطعت السبل بأهل مركز الغريف ولم يستطيعوا مغادرة مركزهم لعدة أيام بسبب غزارة المطر وجريان السيول، وينطبق ذلك على أغلب القرى والهجر، ويحمل السلمي على بعض المواطنين لمجازفتهم في قطع السيل الجارف ثم يستدرك قائلا: (ترى مواطنا يعلم بأن أبناءه خلف السيل وفي منزل متهالك ويخشى عليهم من سيل منقول أو صواعق أو انهيارات في المنزل فإنه يرمي بنفسه لينقذ فلذات كبده). ويبدي السلمي ارتياحه بحديث محافظ الكامل عن توجيه أمير المنطقة بضرورة إنشاء جسرين لوادي وبح ووادي شوان وأعرب عن أمله بسرعة تحرك وزارة النقل لإنفاذ التعليمات. مرضى أمام مرمى السيل ماجد ردة الله يتحدث عن أبرز الإشكالات التي يتعرض لها أهالي الكامل بعد هطول المطر، ويقول: تتوقف الحياة تقريبا ليومين ولا نستطيع إنقاذ مريض أو متابعة حياتنا بشكلها الطبيعي ويضيف صالح البقيلي أحد سكان مركز حرة الشرع شمال المحافظة والتي تهطل عليها الأمطار بشكل متواصل المطر يكشف رداءة المشاريع عادة، وعندما تم الانتهاء من إنفاذ مشروع ربط الشرع بطريق الهجرة (المدينةمكة) من الغرب وبمحافظة الكامل شرقا، فوجئنا بعد هطول الأمطار بأن بعض المواقع لم يعمل المقاول على وضع عبارات لمرور السيل خصوصا في وادي شواحط والبحرة ووادي النظيم، ويضطر الأهالي للانتظار لعدة أيام حتى تخف حدة السيل. ويضيف البقيلي المشكلة في حالات الطوارئ حين يضطر البعض للذهاب إلى الكامل لمراجعة المستشفى وتتوقف الحركة بسبب جريان السيول على الطريق العام، إضافة للانهيارات التي تتسبب بها الأمطار في عقبة شيعة وعقبة العمودة. طريق يصطاد المارة أغلب سكان الكامل يرون أن الطريق الرابط بين محافظة الكامل وطريق المدينة، مكة السريع مازال يمثل مصدر الأرق الرئيس، حيث يواصل ممارسة هوايته القاتلة في اصطياد المارة ونثر الأحزان في المنازل ولا يمر شهر أو شهرين دون مأساة على الطريق المتعرج كما يقول محمد بن حريميس السلمي حيث يطالب بإنشاء طريق مزدوج يربط بين خط الهجرة السريع ومحافظة الكامل والمقدر ب 120 كيلومترا مرورا بقرى العقلة والقرية. واستطرد: مشكلة الطريق تتمثل في كثرة التعرجات والمنحدرات، ورغم تلك المخاطر فهو يخلو من وسائل السلامة كالمصدات واللوحات الإرشادية ومع افتتاح فرع جامعة الملك عبدالعزيز في الكامل زادت أعداد سالكي الطريق يوميا وارتفعت أعداد الحوادث القاتلة ويضيف بن حريميس أن المعاناة تتفاقم أثناء هطول الأمطار حيث يتعرض العابرون لخطر السيول ومن يستطع الإفلات من الماء يضطر في أحيان كثيرة إلى البقاء ليوم أو يومين عالقا لا يستطيع المرور لعدم وجود الجسور اللازمة لدرء المخاطر. ازدواج الكامل وخليص بريك السلمي عضو المجلس المحلي في محافظة خليص يتحدث عن أبرز المشاريع المتعطلة ومنها مشروع ازدواج طريق الكامل خليص والذي ما زال يحصد في كل عام العديد من الأرواح ورغم أن البلدية تفضلت بتنفيذ ازدواج الطريق الرابط بين محافظة الكامل ومخطط الحرة إلا أن الحاجة لا تزال ملحة لتقوم وزارة النقل باعتماد الطريق بشكل سريع والبدء في ازدواجه خصوصا بعد أن زاد الإقبال على المحافظة عقب افتتاح فرع الجامعة. وأشار السلمي إلى الحاجة الماسة لستة جسور مستعجلة في وبح ووادي سايه وشوان والسبعان والتي تسهم في عزل المحافظة عن العالم الخارجي في أوقات الأمطار. من جانبه طالب رده المحمادي أحد سكان حرة الشرع بضرورة الإسراع في إنشاء مراكز الدفاع المدني لتمثل خط الأمان الأول من خطر السيول، وقال: عندما جاءت السيول على أودية حرة الشرع تحول المواطنون إلى منقذين لعدم وجود مركز خاص للدفاع المدني ولعدم قدرة الآليات والمعدات على اجتياز الطريق الوعر.