سادت موجة من الأسف في أوساط المدينةالمنورة بعد تورط أكاديمي عنف ابنه، واستغربت الأوساط صدور تلك الأفعال من رجل يتأهب لنيل درجة الدكتوراه خاصة أنه طال فلذة كبده الذي تعرض على يده لصنوف وألوان من التعذيب الجسدي، وقالوا إن الصغير البريء وقع ضحية انفصال والديه. عنف في شهر العسل تفاصيل الواقعة تعود إلى ما قبل تسع سنوات عندما كان (أيوب) والد الطفل المعنف (عادل 9 سنوات) يعيش لدى عائلة من أقربائه في محافظة الضالع اليمنية، وأثناء فترة إقامته قدمت له العائلة كافة أنواع الرعاية والعناية وزوجوه ابنتهم (أحلام) وعاشا في غرفة صغيرة داخل شقة عائلة زوجته. وبعد مرور خمسة أيام على زواجهما اعتدى على زوجته بالضرب والألفاظ النابية وظل يعاملها بأسوأ معاملة، وبدأت معاناة الزوجة تزداد يوما بعد يوم بعدما تمادى في ضربها على وجهها وقذفها بالأشياء التي تطالها يداه، فظلت الزوجة صابرة وبعد مرور شهرين من المعاناة غادر الزوج إلى المملكة ضمن مجموعة من الطلبة بتمويل من نظام المنح في الجامعة الإسلامية لدراسة الماجستير ومن ثم درجة الدكتوراه، وأثناء فترة إقامته في المدينةالمنورة لم تسلم الزوجة من عدوانيته. الخلع ونزع الأظافر بعد مرور سبعة أشهر على مغادرته اليمن أنجبت له طفلا أسمياه (عادل) الذي آتى إلى الدنيا ولا يعلم ما يخفي له القدر، استغل الزوج الإجازة الدراسية وعاد إلى اليمن وعند وصوله طلب من زوجته تقبيل قدميه وعندما وجد الرفض منها انهال على زوجته بالضرب المبرح وقذفها بالجوال ما نتج عنه شج في رأسها ولم تتمكن من تحرير جسدها من بين يديه إلا عندما أطلقت نداء استغاثة بطلب النجدة من أفراد عائلتها من شدة ما تعرضت له من تعذيب وتعنيف. استمرت معاناة الزوجة على مدى سنتين وعندما شعرت بأن صبرها قد نفد وليس باستطاعتها إكمال الحياة الزوجية خلعته في المحكمة. وبعد مرور سنوات عاد الأب إلى اليمن وطلب من أسرة مطلقته السماح له بأخذ ابنه ليقيم معه في المدينةالمنورة، وعندما تمكن من إقناعهم ونفذوا له طلبه كافأهم برد المعروف بالاعتداء على الابن الذي تذوق من أبيه العذاب على مدى ستة أشهر، حيث كان يعذبه بشتى أنواع العذاب بالضرب والحرق ونزع أظافره ولم يكتف بهذا الحد بل كان يصحبه إلى خارج النطاق العمراني في منطقة صحراوية ويعصب عينيه بقطعة قماش ويربط يديه خلف ظهره ويهدده بالقتل في حال إبلاغ أحد بالأمر. ومن شدة ما انتاب الطفل من خوف وهلع ظل يخبئ ما يتعرض له من تعذيب خوفا من والده الذي جرعه مرارة العذاب الذي لا يفعله إنسان بكامل قواه العقلية، وتكشفت خيوط القضية عندما لاحظ أحد المعلمين في المدرسة وجود أثار اعتداء على جسد الطفل ليسارع بإبلاغ مدير المدرسة الذي بادر بإسعافه ونقله إلى المستشفى، وفي الاثناء تم إبلاغ الجهات الأمنية بالواقعة لتوفد فريقا أمنيا إلى المستشفى ومن خلال التحقيقات تبين أن الطفل تعرض للتعنيف على يد والده ليتم القبض على الأب من مركز شرطة العقيق وإحالته إلى هيئة التحقيق والادعاء العام التي طلبت إيقافه على ذمة التحقيق الذي أظهر تورطه بالاعتداء لتصدر مذكرة بإحالته للسجن العام تمهيدا لمحاكمته شرعا. شخصية مضطربة ومعقدة المستشار النفسي والاجتماعي والخبير الأمني الدكتور نايف محمد المرواني، يقول إن اعتداء الأب على ابنه يعد عنفا أسريا تختلف دوافعه بحسب نوع الأسرة ومستوى الأولياء فيها اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، ويتبين من الحالة بأن الأب (المعنف) بالغ في التأديب المتعارف عليه، ويبدو أنه غير سوي نفسيا، ويمر بحالة من الاضطراب النفسي وذو شخصية (سيكوباتية) التي تتميز بأنها ذات طبيعة مرضية غير محددة، يعجز صاحبها عن إيجاد حل مناسب للصراعات النفسية التي يعاني منها، والتي في الغالب تنجم عن مشكلات واجهته على صعيد الوظيفة أو الوضع الاجتماعي والمادي، وتشكل له ضغوطا حياتيه مؤرقة لا يستطيع مواجهتها بل يلجأ إلى انتهاج سلوك الانسحاب العدواني، نتيجة تراكم الخبرات والمواقف السلبية، وظهرت بصورة إسقاط نفسي أدواته العنف والإيذاء الموجه لابنه. المرواني أضاف: حين يمارس الأب العنف بهذه الصورة البشعة يستأنس (وهما) ويرى بأن الابن ملكا خاصا له وحده يستطيع أن يفعل به ما يريد مسلما بعدم تدخل الغير، ولأنه أصلا لا يقدر أو يجرؤ على المواجهة مع أطراف من يعتقد أنهم سبب في المشكلات التي تواجهه خارج الأسرة، مشيرا إلى أن المعروف في قضايا العنف الأسري أنها لا تقتصر على فئه دون الأخرى من حيث المستوى الثقافي والاجتماعي والمادي، بل تحدث أفعاله في كافة المستويات دون استثناء. المستشار القانوني العضو السابق في هيئة التحقيق والادعاء العام الدكتور إبراهيم عبدالمجيد الأبادي، يقول إن نظام الجزاءات الإجرائية يوضح بأن كل فعل محرم شرعا معاقب عليه قانونا، فبالتالي فإن هذه الأفعال يستحق فاعلها العقوبة أيا كان، وبما أن المعتدي أب للطفل وتجاوز المسموح له في سلطة التأديب الذي يقوم به الطفل وليس الذي يهلكه ويؤدي إلى مشاكل صحية منهي عنها شرعا ومن تجاوز يستحق العقوبة، وأضاف العقوبات في هذا المجال حسب اجتهاد القاضي هل تعتبر من العقوبات التعزيرية التي ليس لها نظام محدد من خلال الأثر الذي أحدثه هذا الضرب وطول مدته، فإذا أدت آثاره الى إتلاف في الأعضاء أو إهلاك للشخص تدخل ضمن العقوبات المشددة ضمن اجتهاد ناظر القضية. أسئلة وأجوبة حائرة الأستاذ في قسم الدعوة والثقافة الإسلامية في الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة الدكتور غازي غزاي المطيري، قال إن حادثة الطفل تدق ناقوس الخطر في عرض البلاد الإسلامية والعربية كيف يمكن لأب يؤمن بالله واليوم الآخر أن يعاقب ابنه فلذة كبده بأشد العقوبات التعزيرية والتي لا تصدر إلا من أشد الناس قسوة وجرما. كيف يقدم المسلم على معاملة أبنائه وفلذات كبده بأنواع القسوة والعقوبات القاسية التي تنبئ وتدل في حقيقتها على مدى التغير الكبير الذي أصاب النفوس، ويضيف المطيري إن العنف الأسري أصبح للأسف يطفح بين الفينة والأخرى إما من جهة الأبناء أو من جهة الآباء، فقد تعددت الصور والممارسات القاسية، فلا تأخذنا دهشة الحدث عن سبر الحقيقة ومعرفة العلة ومعالجة القضية ومحاصرتها خشية أن تصبح ظاهرة ما يستدعي وضع الأسئلة وترتيب الأجوبة المقنعة بناء على الدراسات المباشرة حتى لا تتكرر مثل هذه الواقعة المأساوية المؤسفة، وقال الدكتور المطيري، القضية أكبر من أن تحصر في شخص أو منطقة وإن ظهور مثل هذا العنف الأسري له خطورة في المجتمع فإن امتدت أيدي الإجرام إلى الأبناء أو الآباء أو الأقرباء فإن نارها ولظاها سوف يمتد حتما إلى البعداء وسوف تصبح الجريمة متطورة، فالحقيقة أن هناك أزمة وخلل في القلوب والأنفس ولا بد أن يبدأ التغيير من هذا المحيط المؤثر في الأخلاق قبل دراسة الظاهر، ومن هذا المنطلق فحادثة الطالب هي مدعاة إلى دراسة الحالات السابقة والتي ظهرت بما يسمى بالعنف الأسري من قبل الأزواج مع زوجاتهم أو العكس الآباء والأبناء فهذه ليست الحالة الوحيدة الأولى بل قد تكررت، فلا ينبغي أن نندب حظنا ونجلد ذواتنا ونصف زماننا بالفساد والانحراف والتغير والسقوط فأحسب أن هذا لا يمكن أن يحل المشكلة التي هي أكبر من أن تقف عند حدود الندب وجلد الذات. نقل الولاية للأم يطالب المطيري بوضع تشريعات وقوانين يعرفها القريب قبل البعيد والصغير قبل الكبير فالأبوة لا تبيح أن يعتدي الأب على ابنه بطريقة وحشية ولا يجوز للزوج أن يعتدي على زوجته بحجة أنها زوجة، فهذه قضية وضعت لها الشريعة حدودا وأدا ويجب على الجهات والمؤسسات العلمية والقضائية والاجتماعية أن تأخذ هذه الحادثة وأمثالها محل العناية والدراسة العاجلة بحيث لا يسمح بتكرارها، فإن اكتشاف هذه الحالة يعود الفضل فيها لله عز وجل ثم للمدرس الفاضل الشهم ولو لم يكن لدى المدرسة والمدرس هذه المبادرة لربما تطور الأمر إلى ما هو أخطر، فهذا معناه علينا أن نبحث وأن نستحث الخطى، فربما الضحايا كثيرون، وأقترح وضع جوال أو هاتف مجاني لمثل هذه الحالات ويوضع لها إعلانات في المدارس والطرقات بحيث يتصل المضطهد والمعذب بطريقة سرية لا يقصد منها العقاب أو التشهير أو الفضيحة بقدر ما يقصد منها الإصلاح والنصيحة، أما بالنسبة للطفل المعنف فأنا أرى أن يلتحق بأمه وإن بعد المزار وحياته عند أمه خير من أن يبقى بين يدي أبيه والشريعة الحكيمة قد سبقت إلى هذا ووضعت الخطوط العريضة لمثل هذه الحوادث واستبقت الأحداث قبل أن تقع وما دام قد وقعت الكارثة فلابد أن ينقل الطفل لأمه ويلزم أبوه بمصروفه، ويبقى الطفل مع والدته سواء تزوجت أو لم تتزوج لأنها حالة خاصة وحياة الطفل مع أبيه مهددة بالخطر لأن انتقاله إلى أبيه فيها خطورة بالغة. أشكال التعذيب والقسوة أخصائية الأطفال ورئيسة مركز حماية الطفل في مستشفى النساء والولادة والأطفال في المدينةالمنورة أسماء رضا جوخدار، قالت إن الطفل المعنف تعرض إلى عنف جسدي بالضرب بكافة الأنواع والأساليب من الرأس حتى القدمين بواسطة سلك الكهرباء وعصا الستارة نتج عنه حروق بالرأس والفخذين واليدين وإصابات متفرقة في كامل جسده، بالإضافة إلى إصابته بنزيف سطحي في الدماغ ونزيف بالعين اليسرى نتيجة ما تعرض له من عنف جسدي. ومن جهته، علق الناطق الإعلامي لشرطة المدينةالمنورة العقيد فهد عامر الغنام، متعجبا من تبرير الأب للإصابات التي يعاني منها ابنه بعد إحضاره إلى مركز الشرطة، بأنها تمت بقصد التأديب والتقويم. فيما بينت المشرفة العامة على مكتب الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمدينةالمنورة شرف القرافي، أن تقرير الباحث رصد أن الطفل عليه أثار ضرب شديدة وحروق وتم جمع كافة المعلومات اللازمة ليتم التعامل مع الحالة وفق الإجراءات المتبعة، مشيرة إلى أن مكتب الجمعية سوف يتابع المسار القانوني للقضية مع الجهات المختصة.