الطفل راكان وعليه آثار التعذيب راقدا في مستشفى الملك فهد العام بجدة حيث يرافقه موظفون من الشؤون الاجتماعية(تصوير: مروان العريشي) جدة – تهاني البقمي اكتسبت قضية الطفل المعنف (راكان) زخماً جديداً أمس، بإحالة القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، بناءً على شكوى تقدَّمَ بها الجد إلى الشرطة، ومطالبتُه بتوفير الحماية لحفيده، ذي التسع سنوات، الذي يتعرض – على حد زعمه – لتعذيب دائم بالحرق والضرب على يد الأب. وعلمت «الشرق» أنَّ مستشفى الملك فهد العام، وفرَّ غرفةً خاصة للطفل المعنَّف مع مرافقيه من منسوبي الشؤون الاجتماعية، حيث تمَّ تشكيلُ لجنة لمتابعة حالته، ولضمان سريَّة علاجه بعيداً عن الغرف المزدوجة التي قد تُربك المرضى الآخرين عند سماعهم تفاصيلَ حالته. فيما دخلت هيئةُ حقوق الإنسان على خط القضية، وأصدرت بياناً استنكرت فيه ما تعرَّضَ له الطفل من تعذيبٍ نفسيٍّ وجسدي. وكان الجد قد طالب في الشكوى بإنزال عقوبة شديدة بالأب، متهماً إياه بانتهاك طفولة حفيده، مؤكداً أنَّ الطفل عانى كثيراً من التعذيب. فيما أكد المتحدث الرسمي في شرطة جدة الملازم أول نواف البوق، أنه جرى إحضار الوالد ومواجهته بالتهم، وضبط إفادته، كما جرى إحالة ملف القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام. وتحدث الجد إلى «الشرق»، قائلاً: إنَّ خلفيات عائلية قد تكون أحد الأسباب وراء تدهور وضع الأسرة الذي أفضى بدوره إلى الاعتداء المتكرِّر على الطفل، في ذنب ليس بذنبه، مؤكداً أنَّ الطفل عانى كثيراً من التعذيب والتعنيف على يدي والديه، لافتاً إلى أنه كان يقول عندما يسألونه عن أمنيته في المستقبل «أريد أن أشتري ساطوراً وأقطّع بابا وماما». وبيَّن مصدرٌ في لجنة الحماية الاجتماعية التي تتابع حالة راكان، في تصريح ل«الشرق» أنه بعد تقدم جدِّه لأبيه، عبدالله مبروك، ببلاغ يفيد أنَّ حفيدَه تعرَّض لعنف أسري بشع، تمَّ الوقوف على حالة الطفل، فتبيَّن أنَّه يعاني من حروق بالنار والماء المغليِّ والضرب المبرح. وأكد المصدر أنَّ اللجنة أوصت على ضوء ذلك بإحالة الطفل إلى قسم شرطة الجنوبية في جدة لفتح تحقيق رسميٍّ في الواقعة، وبعدَها تم نقله إلى مستشفى الملك فهد لإجراء الفحوصات الطبيَّة وتلقي العلاج اللازم، فيما تحوَّل ملف القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام. الجد عبدالله مبروك وعلى صعيد آخر، قال الجدُّ عبدالله مبروك أن ابنه (متعب) كان يقوم بتعنيف حفيده (راكان) على الدوام بالضرب والحرق، مرجعاً ذلك إلى رغبته في الانتقام من والده الذي أقام علاقة غير شرعية مع المرأة التي أحبَّها، لافتاً إلى أن (راكان) ليس مسجلاً باسم ابنه إلى الآن بسبب أنه وُلد في الإصلاحية التي رفضت بدورها إخراجَه قبل إحضار عقد نكاحٍ شرعيٍّ بين والدته ووالده، حيث أتى خال الطفل حينَها، وادعى أن شقيقتَه (أم راكان) زوجتُه، وأحضر معه عقد نكاح مزوّر يعود لأخت متعب (ليلى)، وكان تزويراً بسيطاً، على حد قوله، حيث تم إخراج الطفل وهو في الشهر التاسع من عمره. وأفاد الجدُّ، الذي يعمل سائقاً لنقل المعلمات، أنَّ لديه سبع بنات وسبعة أولاد، وأن متعب ثالث أبنائه، لافتاً إلى أنه كان مدمناً للحشيش، وكان يتصف بالتمرد والعدوانية حتى على والدته التي كثيراً ما كان يعتدي عليها بالضرب وليِّ ذراعها، حسب قوله، مضيفاً أنه اعتاد طيلة السنوات التسع الماضية على التنقل من مكان لآخر بشكل مستمر. مشيراً إلى أنَّه كان ملتحقاً بالقطاع العسكري قبل فصله، وأنه يعمل حالياً حارس أمن في أحد المراكز التجارية. ومن جانبها، استنكرت مديرة المكتب النسوي في هيئة حقوق الإنسان بمنطقة مكةالمكرمة جواهر النهاري ما تعرَّض له الطفل راكان من أصناف العذاب، مطالبةً بأن ينال الفاعلُ الجزاءَ العادل. كما أكدت أنَّ الهيئة ستتابع مجريات القضية حتى تصل للقضاء، الذي سيقول كلمته العادلة. باحثة اجتماعية تتابع حالة المعنف راكان (تصوير: مروان العريشي)