وأنت في الصحراء بالنعيرية تعتريك الرهبة وتسمع صفير الريح في مركز (ثاج) والذي كان ضمن الحضارات المزدهرة في الحقب الماضية، وتشير مدونات التاريخ إلى أن عمر ثاج أكثر من أربعة آلاف سنة ولا يوجد في المنطقة الشرقية أقدم منها. ويرى المؤرخون أن آثار ثاج قديمة جدا، وإن ما تم الكشف عنه لا يزيد على 1 أو 2 % ومن ثم تركت كما هي وأنه تم تسوير المواقع الأثرية لحمايتها من المتطفلين ولصوص الآثار . ورغم أن ثاج كانت مزدهرة في الحقب القديمة إلا أنها في الوقت الحالي لا يوجد بها سوى خدمات ومرافق قليلة، إذ أن المركز ليس به سوى مدرسة ابتدائية للبنين وأخرى للبنات مسقوفة بالصفيح. وأوضح كل من خالد وسعد العازمي أن ثاج من المفترض أن تكون مقصدا للسياح لو تم الانتهاء من عمليات التنقيب بها. ويرجع غالبية المؤرخين بناء مدينة ثاج إلى الفترة الإغريقية المعروفة بالعصر السلجوقي، وبدأ تاريخ هذا العصر عقب فتوحات الإسكندر المقدوني سنة 330 قبل الميلاد وقيل أن ثاج سبقت ذلك إلى 2000 سنة قبل الميلاد. ولقد اكتسبت أهمية بارزة في توفير الخدمات اللازمة ل الترانزيت (تجارة العبور) فلقد كان الاستيطان فيها يعتمد على النشاط الزراعي والرعوي وكذلك التجارة بين الشمال والجنوب وما يرد إليها من سلع عن طريق تجارة القوافل. كما اكتشفت في ثاج بورصة عالمية تضاهي أكبر أسواق ذلك العصر ووجدت بها أسواق وكان بها حضارات عديدة، وعثر في ثاج على الكثير من المجسمات وآلاف الفخاريات وقطع من تماثيل طينية صغيرة لحيوانات كالأرجل والأيدي وسنام جمل مع كسرات تماثيل بشرية، فضلا عن كسر من كاسة خفيفة الجدران ذات صبغ أحمر ولماعة من الداخل وهو نفس الفخار الذي وجد في جزيرة فيلكة والمدينة الخامسة للقلعة البرتغالية في البحرين، كما عثر أيضا على كسرات عدة لمنجرة ذات أربعة أرجل تميز العصر السلوقي. كما عثر على طاسات ذات قواعد تشبه الأزرار وأوضح مدير مكتب الآثار في المنطقة الشرقية عبدالحميد محمد الحشاش في تصريح سابق أن هناك مستقبلا مشرقا في انتظار ثاج، موضحا أنها ستكون مركزا سياحيا مهما وستشهد تنمية اقتصادية عظيمة وانتعاشا اقتصاديا كبيرا إلا أن ذلك لن يأتي إلا بعد التنقيب والكشف والترميم وبعدها سيكون لذلك دور في ازدهار ثاج. وبين الحشاش أن ثاج من أهم المواقع الأثرية في العالم، وأضاف أن توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان أمين عام هيئة السياحة والآثار حريصة على أن تجعل من ثاج مزارا تاريخيا في المستقبل. وعن تأخر التنقيب والاستكشافات في ثاج منذ عام 1419ه حتى تاريخه قال: السبب أن هناك مواقع تنقيب مستعجلة واضطرارية، كما أن هناك مواقع تم التنقيب فيها للتأكد من الصلة بين ثاج ومواقع تاريخية أخرى، وفعلا تم اكتشاف أن هناك صلة لثاج بمواقع أثرية أخرى، مؤكدا أنه سيكون لها برنامج في الفترات المقبلة نظرا لأهميتها ونظرا لاهتمام سمو الأمير سلطان بن سلمان بها لمعرفته بأهمية ثاج. موقع التنقيب يذكر أن ثاج تتبع محافظة النعيرية إداريا وتبعد عنها بنحو 80 كلم، كما تقع على مسافة 60 كلم جنوبي مليجة. وتشغل ثاج مساحة من الأرض تقدر ب20 كلم مربعاً، إلا أن المنطقة التي تحتوي على مواقع أثرية تقدر بحوالي 4 كلم مربعة تقريبا، ويرى خبراء الآثار أن المواقع الأثرية في ثاج أكبر بكثير من المساحة الحالية.