لطالما احتفظت أندية الهلال والاتحاد والأهلي والنصر بخصوصية ميزتها عن بقية الأندية السعودية، جعلت منها رباعيا مختلفا هو الأكثر تأثيرا والأكبر جماهيرية ليس على مستوى المملكة فحسب بل وربما الخليج، حتى أضحت أضلعا في مربع اصطلح تسميته ب (الأربعة الكبار)، عطفا على تفوقها فنيا وشعبيا وعلى مستوى البطولات عن بقية الأندية لدرجة انحسرت معها الترشيحات والأضواء عليها دون سواها، غير أن متغيرات العقد الأول من الألفية الجديدة الذي أضحى خلاله التنافس أكثر اختلافا ولم تنطبق معه تلك المعايير على بعضها حرك المطالبات بالتغيير في ظل دخول منافسين جدد على خط الصراع اقتحموا سباق الإنجازات وقدموا مستويات فنية مميزة قلبت موازين القوى في المسابقات وأضحت رقما صعبا فيها، وهو ما دفع بالكثير من الرياضيين للمطالبة بإعادة النظر في المصطلح أو بالفرق المنضوية تحته وهو الأمر الذي ظل مثار جدل في السنوات الأخيرة نقف عليه اليوم مع مجموعة من النقاد والإعلاميين. يتحدث الدكتور صلاح السقا عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم حول مصطلح الأندية الكبار ويقول: «حقيقة لا نعلم متى تنتهي نغمة الأربعة الكبار من قاموس الجماهير والإعلام الرياضي الذي ظل متمسكا ومدافعا عن هذا المسمى، فالكبير يظل كبيرا بأدائه ونتائجه وإنجازاته التي يحققها، فكل فريق مهما كان موقعه وجماهيريته يصل لتحقيق هذه المعادلة يعد كبيرا فكل الأندية لديها جماهير تعشقها وتتابعها ومع تحقيق فريق من الفرق لمستويات ونتائج وإنجازات رائعة تزداد بالتالي جماهيريته بتحول بعض الجماهير إليه أو انتماء النشء الجديد له، فمن هنا وجب الكف عن ترديد هذه المقولة وعدم حصر الإبداع والعطاء في فرق معينة». ويقول الكاتب والناقد الرياضي عدنان جستنية: «كانت هذه القاعدة موجودة على اعتبار أن الفرق المعنية بهذا الاسم هي الأكثر بطولات والأكثر قاعدة جماهيرية وتوهجا إعلاميا يهتم بأدق تفاصيلها وكذلك تواجد نجوم فيها كان لهم الأثر الأكبر في توسع قاعدتها الجماهيرية فتم منحها هذا المسمى أو المصطلح ولكن الحقيقة أن القاعدة تتسع لكل فريق يحقق البطولات وتزداد جماهيريته تناسبا مع إنجازاته فعندها يكون له الحق في أن يقتحم هذا المسمى ومن كان كبيرا وظل طريق البطولات عليه أن يخرج منها حتى يعود لإنجازاته لأن الإيمان بهذه المقولة قتل طموح العديد من الفرق». وأضاف جستنية: «الحياة متجددة في كل أركانها ومنها ما يختص بالرياضة فمع تطور الأندية وتطبيق الاحتراف داخلها واعتمادها على الدعم المادي وتغير الفكر وجب علينا كمجتمع رياضي وإعلامي الحد من ترسيخ هذا المسمى في أذهان الجماهير على الأقل الشابة منها وان يتسع الفكر الرياضي ويتطور ولا يظل منغلقا ومتعلقا بمقولة يفترض إلا يكون لها وجود فالقمة تتسع لكل مبدع عمل لتحقيق الإنجازات». مكتسب تاريخي في المقابل، يؤكد الناقد والكاتب الرياضي حمد الدبيخي أن هذا المصطلح موجود على أرض الواقع ولن يغير من حاله مطالب جهات معينة بوقفه أو إنهائه لأن الفرق الكبيرة مصطلح ارتبط في أذهان المجتمع الرياضي بفرق معينة فكل من له معرفة بالكرة يدرك من هي الفرق المقصودة بهذا المسمى لأن ارتباط مسمى الفرق الكبار ليس متوقفا على تحقيق البطولات أو الابتعاد عنها فالكبار هم من أثبتوا تواجدهم عبر عقود خلت حققوا من خلالها منجزات وبطولات أسهمت بتواجدها الطاغي على المستوى الجماهيري أو الإعلامي، لأنها وببساطة تمتلك محفزات أخرى مادية وانتماء أعضاء شرف مؤثرين بكل النواحي يضاف لذلك أنها أندية جاذبة سواء كمطامع للمواهب واللاعبين أو وسائل الاستثمار المختلفة والتي منحتها بالتالي قوة مادية جعلتها قادرة على انتقاء لاعبين أجانب على مستوى رفيع وتمكنت من خطف كل موهبة تبرز من أندية أخرى. بينما يقول الخبير التحكيمي محمد فودة: «لا يستطيع كائن من كان أن يغير مسمى هذه الفرق التي اكتسبته من خلال تحقيقها لجميع البطولات التي نظمها الاتحاد السعودي لكرة القدم ومنافستها الدائمة عليها ولو كل فريق حقق بطولة أصبح من الكبار لأصبحت الفرق السعودية كلها تحمل هذا اللقب مع أننا يجب ألا نهضم حق بقية الأندية التي حققت الألقاب والبطولات في أوقات متفرقة ما يظهر بطلا جديدا للكرة السعودية ولكن الحقيقة التي لا نستطيع تغييرها أن هذه الأندية هي من يستحق صفة الكبار قياسا بجماهيريتها وإعلامها وتحقيقها للمنجزات المتعددة وعلى كافة الأصعدة». مناقضة الاحتراف بينما يطالب مدير تحرير القسم الرياضي بجريدة الجزيرة محمد العبدي بإلغاء هذا المسمى خاصة بعد تطبيق الاحتراف وتحول المعادلة في الرياضة السعودية وخاصة كرة القدم مع دخول أندية أخرى في دائرة المنافسة على تحقيق الألقاب والإنجازات. واعترف العبدي بصعوبة تنفيذ هذا الأمر باعتبار أن لقاعدة الفرق المذكورة سواء على المستوى الإعلامي أو الجماهيري دور في ترسيخ هذا المصطلح حتى في ظل ابتعاد بعضها عن تحقيق البطولات إلا أنها ظلت متمسكة بحضورها وتأثيرها القوي قياسا بما يتوفر لدى بعض الفرق الأخرى من حضور ومتابعة، فمن هنا فليس كل فريق يحقق بطولة سيكون بإمكانه تثبيت أقدامه في هذه الدائرة لأنه يحتاج إلى وقت طويل لكي تقبل الجماهير توسيع هذه القاعدة التي التصقت بفرق معينة دون غيرها. من جانبه، يرى المدرب الوطني علي كميخ أن هذا المصطلح قد انتهى على أرض الواقع فتحولت الأندية للاحتراف وتغيرت مواردها المالية والفكر القائم عليها جعل هذه المقولة إرثا قديما تتغنى به الفرق، ولكن الحقيقة أن الجماهير ووسائل الإعلام المختلفة لا زالت متمسكة بترديد اسطوانة الأندية الكبار انطلاقا من تواجد الأندية المعنية إعلاميا وجماهيريا وشرفيا والتي جعلتها مطمعا للاستثمار انطلاقا بما تمتلكه من إمكانيات تفوق غيرها من الأندية حتى وإن حققت البطولات ما جعل اختفاء أحدهم وافتقاده للإنجازات لا يعني ابتعاده عن هذا المصطلح الذي ارتبط بالجماهير الرياضية على كافة مستوياتها، فالأندية الكبار تعني النصر والهلال والاتحاد والأهلي حتى وإن دخلت أندية أخرى على خط البطولات والمطالبات بإقحامها في هذا المربع إلا أن ذلك يعد صعبا ويحتاج لوقت واستمرار في تحقيق الإنجازات عندها (فلكل حادث حديث). غير منصف ويؤكد مذيع القناة الرياضية السعودية خالد السعيد أنه يجب إعادة النظر في هذه المقولة والتصنيف الغير منصف فالتغير هو سمة الحياة فيفترض أن يعد من يحقق بطولة حاضرة من الأندية الكبيرة، أما أن تبقى هذه الصفة ملتصقة بفرق ابتعدت عن البطولات وغابت عنها لمجرد تواجد جماهيري أو ظهور إعلامي فهذا غير منصف فالأندية الكبار أصبحت ثلاثة وهي التي استطاعت مواصلتها تحقيق البطولات والمنافسة عليها في المواسم السابقة وقد يضاف لها فريق الفتح في حال تحقيقه بطولة دوري زين وهو قريب منه أما التمسك بعبارات قديمة فأعتقد أنه ظلم وإحباط لمن عمل وبذل وحقق مبتغاه. في المقابل، يؤكد الكاتب الرياضي عادل الملحم أن هذا المصطلح سيبقى مرتبطا بفرق محددة فالكبير سيظل كبيرا بجماهيريته وحضوره الإعلامي الطاغي وعلى كافة المستويات حتى لو ابتعد وغاب عن البطولات لمواسم فإنه كبير بما يمتلكه من جماهيرية ومنجزات سجلها التاريخ له على مدى الأيام والدهور، فليس كل فريق يظهر ويكسب بطولة يستطيع دخول دائرة الأندية الكبار لأن المهم الاستمرارية في حصد الألقاب بالإضافة لكثافة التواجد الجماهيري والإعلامي وغير ذلك لن تفيد بعض الفرق بطولة تحققها. ويقول رئيس القسم الرياضي بجريدة الشرق سعيد عيسى: «يجب أن تتسع الدائرة لتتسع لأكثر من أربعة فرق والتي احتكرت هذا المسمى في مقابل توقف بعضها عن الحضور على مستوى البطولات والإنجازات والاكتفاء بالتواجد الإعلامي، فمن هنا يجب أن ينتهي وينسى هذا الأمر لأن الكبير هو الكبير بما يحققه من بطولات وإنجازات وليس لمن يتغنى بالماضي، ولعل ما حققته بعض الفرق من حضور قوي قد أحدث العكس وقلب المعادلة رأسا على عقب .. بدليل أن فريق الفتح على مقربة من تحقيق بطولة دوري زين بوجود من يسمون بالفرق الكبيرة فتغلب عليها وكسب التحدي معها فكسر بوجوده هذه القاعدة التي أكل عليها الدهر وشرب فالجماهير أصبحت واعية ومتابعة لكيفية إدارة الأندية ولا تندفع خلف اسطوانة تردد فلديها أدوات لتقييم الأحداث والمتغيرات التي طرأت على الساحة الرياضية وأسهمت بلخبطة الأوراق». وقال مدرب فريق الكوكب لكرة القدم الوطني سلطان خميس: «إذا أردنا أن نكون منصفين فإن الفرق التي تلعب في دوري زين تعد جميعها كبيرة ولا يتوقف الأمر على أربعة منها، فمن هنا يجب أن نقسم الأندية إلى قسمين .. أولها: ثابتة وهي الأندية الكبيرة بقدم تاريخها وإنجازاتها السابقة .. وثانيها: فرق كبيرة متحركة بحسب تحقيقها للبطولات الحاضرة، فالفريق الذي يحقق البطولة هو من يستحق أن يكون كبيرا في موسمه فالقياس في ذلك الإنجازات ولا غيرها ولا يحددها كثافة جماهيرية أو تواجد إعلامي والتوقف على التغني بماضي غاب». واختتم خميس حديثه: «حقيقة نحن اعتدنا اختلاق أشياء لا تقدم ولا تؤخر فأشغلنا أنفسنا بها وتركنا العمل والتفكير في تقديم ما يحقق الإنجازات على كافة المستويات وهذا ما حول بعض أنديتنا إلى كبيرة بالقول صغيرة بالإنجازات والبطولات».