من نعم الله علينا أن أكرمنا بحواسٍ خمس لتعيننا على الحياة ومصاعبها ونستخدمها شكرا لله لا لمعصيته، ولكن قد تكون هذه النعمة مصدر حزن وأسى حين تتحول لمقياس دنيوي يعكس سوء الحال والمآل، ففي أغلب شوارعنا تتعبنا حاسة الشم بسبب طفح المجاري أكرمكم الله تارة ومن النفايات المتكدسة تارة أخرى أما الشم المعنوي للفساد فيزكم الانوف دائما أينما حل وانعكست آثاره فالنظر يتأثر من كمية الحفر التي ترافقنا، ولا تهون المطبات التي تنتشر وكأنها آفة تقتنص سيارات المارة لتخلخل العضلات وتكسر ما يمكن كسره من هيكلها، أما حاسة اللمس فتئن مما تلمس وتتأوه الاصابع مع كل مصافحة للنقود التي ما تلبث أن تفارق الجيوب لسداد فواتير الماء والكهرباء والهاتف والجوال وأضف عليها اليوم كذلك رسوم الانترنت التي تعتبر الأعلى عالميا لدينا وكالعادة يتناسب غلو الاسعار عكسيا مع جودة الخدمة وسرعتها في معادلة يعجز حتى من اخترع اللوغارتيمات أن يحلها ليصل إلى نتيجة ! أما حاسة السمع فهي الاخرى تعاني الأمرين في زماننا فبعد أن كنا نستمتع بشعرٍ راق مغنى أصبحنا نسمع عبارات قد نصفها بفن (البهائم) وخير دليل أغان تعكس حب أحدهم للحمار ليغني طربا (بحبك يا حمار!!). ولعل الحاسة التي نستخدمها بكثرة هي التذوق فالكثير يتذوق العلقم انتظارا لمنحة أرض أو حفنة من الريالات يقال لها (قرض) لا تسمن ولا تغني من جوع فلو كانت المنحة أرضا وبناء ينتظر قرضا فلتتذوق وتستمتع بطعم مرار الانتظار إلى أن يشاء الله غير ذلك، بقيت حاسة سادسة لا يملكها إلا البعض وهذه الحاسة (التفاؤل) هي التي تجعلني أحلم بمستقبل أفضل وبخدمات أمثل وأكمل وأجمل كما يقول الإعلامي الرياضي الشهير مصطفى الأغا !.. فقولوا آمين.