يتساءل البعض وينقد البعض الآخر موقف حقوق الإنسان من الأحداث التي تحدث هنا وهناك، دون تفريق بين حقوق الإنسان كثقافة وحقوق الإنسان كمؤسسات وحقوق الإنسان كمعايير تعاهدية وغير تعاهدية. هذه المواقف المتسائلة والمنتقدة معذورة لأن هذا الموضوع «حقوق الإنسان» أمر جديد رغم قدمه وترسيخه من قبل الإسلام، ولكي نفهمه لا بد من الدعوة للقراءة وأيضا التدريب والتثقيف وهذه أمور تحتاج إلى رغبة في التثقف بدلا من التكبر وإطلاق الأهواء كيفما كانت مما يجعلنا أحيان نضحك وأحيانا أخرى نحزن. إذا أردنا أن نتحدث عن حقوق الإنسان كثقافة فهذا أمر لا يحتاج إلى توضيح لأن الثقافة هي ما يمكن أن يطلق عليها القيم والقواعد التي يقبلها ويمتثل لها أفراد المجتمع وسلوكهم وتعاملهم مع أنفسهم ومع الآخرين، وهذه أمور تبدأ مع الفرد في مجتمعنا المسلم منذ ولادته فكل مولود يولد على الفطرة، وتعزز هذه الثقافة عبر تربيته وتظهر كسلوك اجتماعي في حياته عندما يلتزم بها، أما حقوق الإنسان كمؤسسات محلية أو عالمية فهذا أمر إداري تنظيمي تهدف في الأساس إلى مساعدة الدول في تعزيز هذه الثقافة بعد أن ابتعد الناس على السلوك السليم الذي يصون للجميع حقوقهم، أما إذا تحدثنا عن حقوق الإنسان كآليات أو معايير «تعاهدية وغير تعاهدية» فإننا نشير إلى المصطلحات التي تستخدم من أجل وصول الدول إلى أفضل صورة من حيث الممارسات على أرض الواقع وهو أمر يترك للدول الأخذ بالمثالية الكاملة أو التدرج في هذه المثالية ويحكم على هذه المثالية حسب المعيار الذي يحكم به على هذه الصورة سواء كان هذا المعيار خاصا بموضوع حقوقي معين كحقوق المرأة أو الطفل وغيرهما أو بصورة عامة حددها المعيار العالمي المعروف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما تضمنه من مواد. قد يتساءل البعض، وما الحل وهناك شعوب تنتهك حقوقها وأشخاص يعذبون ..إلخ؟، وهنا نقول لا يمكن للإنسان الذي يحمل هذه الصفة أن يرضى بهذه الصور اللا إنسانية ومن هذا المنطلق تجد هناك من الدول والأشخاص من يسعى لمناصرة هؤلاء المضطهدين، فالدول الإنسانية تتخذ من تقارير المؤسسات الحقوقية منطلقا للمناصرة وتحويل القضية إلى قضية سياسية، أما الإنسان الفرد فيحاول بما يحمله من إنسانية مناصرة أخيه الإنسان بعدة آليات ووسائل تدعى وسائل المناصرة، سواء من منطلق عمله، أو من منطلق مكانته، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل «انصر أخاك ظالما أو مظلوما».