"الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة الحقوقية ثقافة ناشئة في كل المجتمعات العربية وتحتاج إلى جهود منظمة
حقوق الإنسان .. بين الوعي والتطبيق
نشر في الرياض يوم 31 - 01 - 2008

الثقافة الحقوقية، أو "ثقافة حقوق الإنسان" مصطلح ربما غير موجود لدى البعض.. وهذا ما كشفه رئيس هيئة حقوق الإنسان الأستاذ تركي بن خالد السديري في لقائه مع "الرياض" الأسبوع الماضي، حيث أشار إلى أن أبرز العوائق التي تواجه الهيئة في عملها غياب ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع، وطالب بتعاون وسائل الإعلام والجهات التعليمية والتدريبية لنشر الوعي، وأفاد بأن الهيئة بصدد البدء في برنامج لنشر ثقافة حقوق الإنسان يستند على ما ورد في تنظيم هيئة حقوق الإنسان الصادر بقرار مجلس الوزراء والذي نصت فيه الفقرة الثامنة من المادة الخامسة على (وضع السياسة العامة لتنمية الوعي بحقوق الإنسان، واقتراح سبل العمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان والتوعية بها، وذلك من خلال المؤسسات والأجهزة المعنية بالتعليم والتدريب والإعلام وغيرها) ويعتمد في معاييره بأن تكون البداية بالنشاطات ذات الأثر الشمولي وبما يمكن إنجازه سريعا ويتضمن النشاطات التعليمية والتدريبية، وأن يمكن تنفيذه محليا بالموارد البشرية المتاحة، وهو يعمل على تنمية بيئة سعودية واعية لحقوق الإنسان.
ولتسليط الضوء أكثر على مشكلة غياب ثقافة حقوق الإنسان التي ربما تؤدي إلى كثير من القضايا الحقوقية، وإيضاح نسبة الوعي لدى أفراد المجتمع .. ومدى تقبلهم قيام أجهزة رسمية تعنى بذلك .. ودور المناهج التعليمية .. وأفضل الوسائل والطرق لنشر ثقافة حقوق الإنسان التقت "الرياض" بعدد من المختصين والمهتمين بهذا الجانب ..
الوعي الحقوقي
في البداية تحدث الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن حمود العناد رئيس لجنة الثقافة والنشر بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان حيث علق على نسبة الوعي الحقوقي لدى أفراد المجتمع بقوله :
لازال الوعي الحقوقي في المجتمع دون المستوى المأمول، فالمواطن لا يزال لا يعي حقوقه كما أن كثيراً من القائمين على مصالح المواطنين والمقيمين لا يأخذون بالاعتبار حقوق الآخرين وربما انتهاكاً عن جهل أو عن قصد، وانخفاض مستوى الوعي لا يؤدي فقط إلى كثرة المخالفات وإنما يؤدي أيضاً إلى عدم الكشف عن هذه المخالفات واستمرارها، ولكن ومع ذلك فإن الوعي الحقوقي بدأ ينتشر في السنوات القليلة الماضية نتيجة عدة عوامل أبرزها وأهمها إنشاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ثم هيئة حقوق الإنسان وما قدمتاه من جهود كبيرة خلال السنوات الماضية .
وانضمام المملكة لعدد من الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان ودخولها عضواً في مجلس حقوق الإنسان التاسع للأمم المتحدة قبل نحو عامين !
أما الأستاذة سمر المقرن عضو اللجنة التأسيسية لشبكة الإعلاميين العرب لنشر ثقافة حقوق الإنسان فأكدت أن حقوق الإنسان هي غريزة تنشأ في النفس لأن هذه الثقافة هي من أساسيات ديننا الإسلامي، إلا أن تنظيمها وتشكيلها يحتاج لجهد لأن الشيء الفطري إن لم يتم العمل عليه بطريقة مركزة ومنظمة سيكون مشتتا، هكذا هي الثقافة الحقوقية كما أتصورها في المجتمع، موجودة في داخل كل شخص لكنه لم يجد توعية حقيقية ومعرفية ليدركها.
وعموم القول أتصور أن الثقافة الحقوقية هي ثقافة ناشئة في كل المجتمعات العربية وليس لدى المجتمع السعودي وحده، لذا لنواكب المجتمعات الأخرى وتقدمها في هذا الجانب نحتاج إلى جهود منظمة، جهود الجمعيات والهيئات، جهود الإعلام والذي يحتاج لإعلاميين مدربين يتحدثون ويكتبون من منطلقات معرفية، نحتاج إلى برامج وورش عمل للأمهات والآباء والمعلمين ليتمكنوا من ممارسة هذه الثقافة، نحتاج أيضا إلى العلماء ودورهم مهم في هذا الجانب لتغيير الصورة النمطية عن حقوق الإنسان في ذهن المواطن السعودي الذي يتصور أنها ثقافة غربية لا تمت للجذور الإسلامية بأي صفة.
أيضا أتصور أن الوعي الحقوقي مرتبط بشكل مباشر بمؤسسات المجتمع المدني وهذه الأخيرة لم تكتمل بعد في مجتمعنا.
وتعلق الدكتورة أميرة كشغري إعلامية وعضوة هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز في هذا الجانب بقولها بأن الوعي لا يأتي من فراغ و لكنه يأتي من خلال واقع ملموس يعيشه الإنسان ويتفاعل معه حتى يصبح جزءا من حياته، والواقع الذي أقصده هنا حتى يكون هناك وعي حقوقي في المجتمع السعودي، هو القوانين التي تصيغ حقوق الفرد في المجتمع وتعمل على حمايتها في كل مجالات الحياة، فهل واقعنا تحكمه قوانين واضحة وشاملة منظمة للحياة الفردية والجماعية؟ هل هناك قوانين مكتوبة بشكل كافٍ يرجع إليها الفرد في حال تعرضه لانتهاكات أياً كان مصدرها؟ ثم هل يستطيع الفرد الحصول على هذه الحقوق بغض النظر عن موقعه الاجتماعي وانتمائه العرقي والفكري؟ هل هناك قوانين تحمي الزوجة من انتهاكات زوجها؟ هل هناك قوانين تحمي الزوج من تعسف أهل الزوجة؟ هل هناك قوانين تحمي الطفل من سوء معاملة والديه؟ هل هناك قوانين تحمي العامل والعاملة؟ هل هناك قوانين تحمي أصحاب الكلمة والرأي والمفكرين؟
وإذا كانت هناك مثل هذه القوانين، فهل هي مطبقة وممارسة ومفعلة بشكل يجعلها متجذرة في الوعي الفردي والمجتمعي؟ وتضيف بأن الإجابة على هذه الأسئلة هي المنطلق لتكوين الوعي الحقوقي في المجتمع، بمعنى أنه حينما تكون هناك قوانين فاعلة ومفعلة تحمي جميع هذه الفئات بشكل عادل وشامل عندها فقط يكون هناك وعي حقوقي في المجتمع، لأن الوعي الحقوقي لأفراد المجتمع هو مرآة وانعكاس لحقيقة وضع الحقوق في المجتمع حيث إن ضعف القوانين والأنظمة في مجتمعنا وعدم وجود آلية لتطبيق القليل الموجود منها يعني بشكل مباشر ضعف الوعي الحقوقي لدينا.
الرغبة في الوعي وزيادة الثقافة
وحول رغبة أفراد المجتمع في زيادة الوعي ونشر ثقافة حقوق الإنسان أكد د.العناد أن هناك رغبة قوية لدى شرائح المجتمع المختلفة لزيادة الثقافة والمعرفة في مجال حقوق الإنسان، والمتابع للموضوع يلاحظ الفارق الذي حدث في مستوى ثقافة المجتمع في السنوات القليلة الماضية، كما يلاحظ ظهور نشطاء في مجال حقوق الإنسان بشكل عام وضمن شرائح اجتماعية محددة كالمرأة والمعاقين والأطفال والعمالة الأجنبية وكل هذه الأمور مؤشرات لاستعداد المجتمع ورغبته في زيادة مستوى ثقافته الحقوقية .
فيما أشارت الأستاذة سمر بأن الرغبة لا أظن أنها قد تبلورت بشكل كامل، فلا زلنا كمجتمع تقليدي نخاف التغيير، ومع ذلك فأنا متفائلة لأن كل المؤشرات تبشر بالخير خصوصا أننا مقبلون على انفتاح في المجتمع المدني وننتظر قيام المزيد من الجمعيات والهيئات الحقوقية والتي بدورها ستكون قادرة على دفع عجلة الوعي والرغبة بذلك.
بينما ترى د. أميرة أن السؤال لا يتعلق برغبة الأفراد في أن يكون لديهم وعي حقوقي أو لا، السؤال هنا يتعلق بمسألة حق الإنسان في هذه الحقوق وهي حقوق أساسية لا يمكن للفرد أن يتنازل عنها وهو يعيش في مجتمع مدني حديث من المفروض أن تحكمه القوانين والأنظمة، وبكل تأكيد لدى الأفراد رغبة في أن تكون هناك قوانين تحكم علاقاتهم مع غيرهم من الأفراد كما تحكم علاقاتهم وتعاملاتهم مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية.
المجتمع ومفهوم حقوق الإنسان
وإشارة إلى مفهوم حقوق الإنسان ومدى تصور المجتمع له أشارت المقرن إلى عدم وجود تصور لدى غالبية أفراد المجتمع لمعنى حقوق الإنسان وقالت : لا أظن، إذ يجب أن يفصل المجتمع بين مفهوم المجتمع المدني والعمل الخيري، فهذا اللبس جعل من الصعب تحديد ارتباط أفراد المجتمع بالمفهوم الحقوقي، كما أنه خلق لبس آخر مابين المتطلبات المادية والإنسانية.
بينما رأى د. عبدالرحمن العناد أن هناك تصورا ولكن بنسب متفاوتة وقد يحصل خلط في هذا الجانب وقال : يوجد تصور بل تصورات لدى المجتمع عن معنى حقوق الإنسان، فنحن في مجتمع إسلامي وتعاليم الشريعة الإسلامية تؤكد على احترام كرامة الإنسان ومنع الظلم .
ويتمحور الفهم العام أو التصور الشائع لحقوق الإنسان في المجتمع السعودي حول هذين المفهومين "الكرامة" ومنع وقوع الظلم، ولهذا يختلط أحياناً لدى البعض مع المخالفات النظامية والشرعية وبعض أنواع الجرائم، فالجرائم ينظر لها أحياناً وكأنها مخالفات أو انتهاكات حقوق إنسان وهي أكثر من ذلك حيث تكون جرائم يعاقب عليها القانون، وقد يبالغ البعض في تقديرهم لحقوقهم مقارنة بحقوق الآخرين كما أن هناك بعض الفئات التي ينخفض مستوى تقديرها لحقوقها والدفاع عنها لمستويات متدنية جداً .
أما الدكتورة أميرة فترى أنه من الصعب الحديث عن ثقافة حقوق الإنسان أو تصور الأفراد لمعنى حقوق الإنسان دون معرفة ما نعنيه بهذا التعبير، مفهوم حقوق الإنسان في صياغته القانونية الحديثة هو مفهوم سياسي اجتماعي حديث نسبياً تبلور بعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، وقد اشتمل الإعلان على ثلاثين فقرة شاملة للحقوق الفردية الإنسانية، وقد طلبت الجمعية العامة من البلدان الأعضاء كافة أن تدعو لنص الإعلان وأن تعمل على نشره وتوزيعه وقراءته وشرحه خاصة في المدارس والمعاهد التعليمية دون أي تمييز بسبب المركز السياسي للبلدان أو الأقاليم، فهل تم تطبيق شيء من ذلك لدينا؟.
حقوق الإنسان هي بشكل أساسي ما تضمنه القوانين والأنظمة للفرد مقابل أفراد المجتمع ومؤسساته، حقوق الإنسان هي حقوق الزوجة، حقوق الزوج، حقوق الطفل، حقوق العمال وحقوق كل فرد في المجتمع، وعندما نقول إن لكل شخص حقوقاً إنسانية، فإننا نقول كذلك إن على كل شخص مسؤوليات نحو احترام الحقوق الإنسانية للآخرين. فالحقوق والواجبات وجهان لعملة واحدة.
ومن المهم أن نعرف أن حقوق الإنسان تصنف إلى ثلاث فئات:
الحقوق المدنية والسياسية (وتسمى أيضاً "الجيل الأول من الحقوق")، وهي مرتبطة بالحريات، وتشمل الحقوق التالية: الحق في الحياة والحرية والأمن؛ وعدم التعرض للتعذيب والتحرر من العبودية؛ المشاركة السياسية وحرية الرأي والتعبير والتفكير والضمير والدين؛ وحرية الاشتراك في الجمعيات والتجمع، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (وتسمى أيضاً "الجيل الثاني من الحقوق")، وهي مرتبطة بالأمن وتشمل: العمل والتعليم والمستوى اللائق للمعيشة؛ والمأكل والمأوى والرعاية الصحية، الحقوق البيئية والثقافية والتنموية (وتسمى أيضاً "الجيل الثالث من الحقوق")، وتشمل حق العيش في بيئة نظيفة ومصونة من التدمير؛ والحق في التنمية الثقافية والسياسية والاقتصادية.
ولنا بعد ذلك أن نجيب هل لدى أفراد المجتمع تصور عن معنى حقوق الإنسان!!
جهات رسمية لحقوق الإنسان
وعن قيام أجهزة رسمية تعنى بحقوق الإنسان كهيئة حقوق الإنسان والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وتقبل المجتمع لهما أكد الدكتور العناد أن أفراد المجتمع مواطنين ومقيمين تقبلوا قيام الهيئة والجمعية، بل رحبوا بهما وما تفاعل أفراد المجتمع معهما ولجوئهم إليها إلا دليل على ذلك، ويكفي أن نقول إن استقبال الجمعية لأكثر من 12ألف شكوى أو قضية خلال ثلاث سنوات يعنى أنها تستقبل في حدود 4000قضية في العام أي أكثر من عشر حالات يومياً في المتوسط وهذا الرقم يعتبر كبيراًجداً يفوق بكثير ما تتلقاه جمعيات وهيئات حقوقية دولية كثيرة سبقت الجمعية وتوجد في دول متقدمة قطعت شوطاً طويلاً في مجال حقوق الإنسان .
وتضيف الأستاذة سمر المقرن بأن ترحيب المجتمع بقيام هيئة حقوق الإنسان والجمعية يدل على عدم ممانعتهم بل هناك تفاعل مع إنشائهما .
وتعلق الدكتورة أميرة كشغري بقولها أعتقد أنه من واجب جميع الدول بغض النظر عن أنظمتها السياسية والاقتصادية والثقافية تشجيع وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية دون تمييز بسبب العرق واللون والجنس والدين واللغة أو الأفكار السياسية أو المنشأ الوطني والاجتماعي، أما عن تقبل الأفراد لذلك فالإجابة يمكن أن تختصر في قراءة تاريخ ومنجزات الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية فهي على الرغم من حداثتها (أنشئت عام 2004) قد قامت بالكثير من العمل الجاد وتحملت الكثير من الأعباء في سبيل الدفاع عن حقوق الإنسان، وقد تلقت الجمعية الكثير من الشكاوى منها قضايا السجناء وقضايا الأحوال الشخصية و قضايا العنف الأسري والقضايا الإدارية والقضايا العمالية وقضايا خاصة متصلة بالقضاء، ويحمد للجمعية جهودها في إصدار التقرير الوطني الأول عن وضع حقوق الإنسان في المملكة والذي جاء بشكل شفاف وصادق وشامل لجميع حقوق الإنسان في السعودية المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية وحقوق المرأة والطفل والسجناء والعمال، كذلك هيئة حقوق الإنسان التي أنشئت عام 2005بصفتها جهة حكومية تهدف إلى حماية حقوق الإنسان وتعزيزها أصبحت تحظى بتقبل الأفراد ولو على نطاق ضيق باعتبارها هيئة حكومية قد تتقاطع أو تتعارض مهامها ومصالحها مع مصالح الأفراد.
المناهج الدراسية .. وحقوق الإنسان
وعن دور المناهج الدراسية بالتوعية في حقوق الإنسان أكدت المقرن أن المناهج الدراسية لا تحتوي على أشياء تثقيفية بحقوق الإنسان، وتضيف ليس كل مفهوم نرغب بتعليمه للنشء أن يكون عن طريق المناهج، فهناك الأنشطة اللاصفية والتي يمكن من خلالها زرع ذلك المفهوم بطريقة أكثر عمقا، أيضا تفتقد المدارس بشكل عام مفهوم التطوع والذي هو أحد السبل والمداخل التي من خلالها يتبلور مفهوم الحقوق.
أيضا هناك المحاضرات والندوات التثقيفية حيث تعتمد المدارس والكليات على التوعية الدينية فقط ولا تنظر لبحور الثقافات الأخرى، مع أن المجتمع السعودي متدين بطبعه ولا يحتاج لهذا الزخم من المحاضرات والندوات الدينية خصوصا التي تقدم لصغار السن دون وعي ودون النظر للمرحلة العمرية التي يعيشها الطالب أو تعيشها الطالبة كالاعتماد على أسلوب التخويف والترهيب، لدينا أمور مهمة وأتطلع لأن تكون الأنشطة منوعة وقادرة على استيعاب احتياجات العصر.
بينما رأى الدكتور العناد أن المناهج الدراسية متمشية مع تعاليم الشريعة الإسلامية وتتضمن مبادئ الدين الإسلامي الذي يحث على احترام كرامة الإنسان ومنع الظلم، وأن أسس حقوق الإنسان متوفرة في المناهج الدراسية وهي كثيرة ومتفرقة وقد لا تدرس تحت عنوان " حقوق الإنسان " ولكنها تؤكد على المحافظة على حقوق الإنسان في الإسلام، وقد تحتاج للتأكيد وإبراز مفهوم حقوق الإنسان بشكل أكبر، ولهذا السبب تبنت الجمعية فكرة تدريس حقوق الإنسان في الجامعات السعودية وعقدت ورشة عمل حول هذا الموضوع شاركت فيه جامعات المملكة وعدد من المهتمين والمؤسسات التعليمية الأخرى، وتوصلت الورشة لتوصية تعليم حقوق الإنسان في مقرر مستقل بالجامعات ومؤسسات التعليم العالي بالمملكة .
وتضيف الدكتورة أميرة كشغري أنه بشكل عام ليست هناك مواد خاصة بحقوق الإنسان في المناهج الدراسية، هناك إشارات عابرة لهذه الحقوق لا ترقى إلى أن تشكل مادة تثقيفية ولا أن تقدم نماذج لتعليم حقوق الإنسان، هناك ثلاثة نماذج مقترحة لتعليم حقوق الإنسان، النموذج الأول هو نموذج خلق القيم والوعي بحيث يكون محور التركيز الرئيسي لتعليم حقوق الإنسان هو نشر المعرفة الأساسية بقضايا حقوق الإنسان وتعزيز دمجها بالقيم العامة وذلك من خلال إدراك والتزام الأهداف المعيارية التي يتضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والميثاق العربي لحقوق الإنسان، أما النموذج الثاني فهو نموذج المحاسبة على الأعمال، في هذا النموذج، من المتوقع أن يكون الطلاب مرتبطين بصورة مباشرة
أو غير مباشرة بضمان حقوق الإنسان من خلال أدوارهم داخل المدرسة وخارجها بحيث يكون لهم دور في المراقبة المباشرة لانتهاكات حقوق الإنسان أو العمل لدى السلطات الضرورية من أجل احترامها أو بذل الجهود اللازمة لحماية حقوق الناس، أما النموذج الثالث فهو نموذج التحول الاجتماعي وفيه يتم تدريب الطلاب على تنمية القيادات، والتدريب على حل النزاعات داخل الفصل، وتفعيل ممارسات من شأنها تعزيز التحول الإيجابي نحو حقوق الإنسان وممارستها داخل المجتمع التعليمي الصغير الذي يعيش فيه الطالب ومن ثم تطبيقها وتعميمها على المجتمع ككل حينما تصبح جزءاً من ثقافة الطالب ووعيه، في نموذج التحوّل الاجتماعي تتوخى برامج تعليم حقوق الإنسان تمكين الأفراد من معرفة انتهاكات حقوق الإنسان والتزام منع حصولها و يفترض نموذج التحول الاجتماعي أن يكون قد سبق للطلاب أن مرّوا بتجارب شخصية يمكن اعتبارها انتهاكات لحقوق الإنسان.
أتمنى أن تكون هذه النماذج هي ما يمارس باعتباره مادة تطبيقية تثقيفية في حقوق الإنسان لا أن يقتصر الأمر على المادة النظرية التي يجبر الطالب على حفظها دون أن يكون لها وجود أو ممارسة في حياته وضمن المحيط الاجتماعي الذي يتعامل معه بشكل يومي.
نشر ثقافة حقوق الإنسان
وحول أفضل الوسائل والطرق لنشر ثقافة حقوق الإنسان أكد د. العناد أن كل الوسائل والطرق المتاحة مفيدة لنشر ثقافة حقوق الإنسان على نطاق واسع، ولكل فئة أو شريحة اجتماعية وسيلة مناسبة أفضل من غيرها، ولكن في العموم فإن جميع وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية وأدوات نشر الثقافة العامة كالمحاضرات والندوات والنشرات والكتيبات كلها وسائل تسهم في نشر ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع .
وأضافت الأستاذة سمر بأن التوعية الداخلية في المدارس والكليات مهمة جدا لنشر ثقافة حقوق الإنسان، أيضا الإعلام المتخصص الذي يقوم عليه إعلاميون وإعلاميات متخصصون ولديهم دراية بالمعاهدات والمواثيق الدولية، وهذا ما نعمل عليه الآن كمجموعة من الإعلاميين العرب المهتمين بنشر ثقافة حقوق الإنسان عبر وسائل الإعلام المختلفة، حيث اجتمعنا قبل ما يقارب الشهرين في شرم الشيخ وقمنا ببلورة الأهداف التي ننشدها من خلال تأسيس شبكة إعلامية عربية تعنى بنشر ثقافة حقوق الإنسان، واتفقنا كإعلاميين نمثل 12دولة عربية على أن نقوم بالتنسيق مع الجمعيات والهيئات الحقوقية كل في بلده، وفي الحقيقة كانت استجابة هيئة حقوق الإنسان السعودية ممثلة بمعالي رئيس الهيئة الأستاذ تركي السديري سريعة والذي أثنى على هذه الخطوة، وأكد على ضرورة تواصل الشبكة مع الهيئة وهذا ما سيكون بإذن الله في الخطوة المقبلة.
ورأت الدكتورة أميرة كشغري إن أقصر طريق لنشر الخير والعدل والمساواة بين البشر هو الوعي بهذه المفاهيم، وكما قلت سابقاً لا وعي دون ممارسة ولا ممارسة دون واقع تحكمه القوانين والأنظمة المفعلة، ما نفع هذه المفاهيم إن لم تكن واقعاً مفعلاً؟ ما أهمية جمعيات ومؤسسات حقوق الإنسان إن لم تكن قادرة على حماية الفرد والوقوف ضد الانتهاكات التي تمارس عليه؟ لكن يظل من البدهي أن نشر ثقافة حقوق الإنسان يعتمد على التثقيف التربوي داخل المؤسسات التعليمية وتعريف الفرد بجمعيات حقوق الإنسان العالمية والعربية والمحلية بالإضافة إلى دور الإعلام في تبني قضايا حقوق الإنسان حتى يبني الفرد ثقته بهذه المؤسسات ويتمكن من الوقوف مع الحقوق الإنسانية دون خوف من المطاردة أو العقاب، فحقوق الإنسان لا تُشترى ولا تُكتسب ولا تورث، فهي ببساطة ملك الناس لأنهم بشر .. وليس من حق أحد أن يحرم شخصاً آخر من حقوق الإنسان حتى لو لم تعترف بها قوانين بلده، كي يعيش جميع الناس بكرامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.