أعاد مشهد اغتيال النائب في القائمة العراقية عيفان سعدون العيساوي الذاكرة لمسلسل الاغتيالات الطويل الذي مر على الساحة اللبنانية، بفعل الزلزال الذي أصابها بعد استشهاد رفيق الحريري وخروج عشرات الآلاف في مظاهرات عفوية جسدت معاني الوحدة الوطنية الساعية لتأكيد استقلال وسيادة لبنان، وإنهاء الوجود السوري الذي تحكم بمفاصل الدولة وسلبها حريتها عبر عقود من الزمن. هذا المشهد اللبناني المنسحب على الواقع العراقي يتطابق لناحية اللاعب السلبي فيه، فإيران في العراق تتحكم في العملية السياسية مباشرة وفي مصير حكوماته، وهي -بواسطة سوريا سابقا وحزب الله حاليا- تسعى للشيء نفسه في لبنان من أجل دور ترغبه على المستوى الاقليمي والدولي، وبكل تأكيد خارج نطاق المصالح العربية وحتى الإسلامية. نوري المالكي في العراق يمثل بحكومته المنحازة والمنقادة لإيران حال الحكومة اللبنانية التي يرأسها شكلا الرئيس نجيب ميقاتي، وفي المضمون تمثل توجيهات حسن نصر الله بوصلتها. من هنا، فإن المشهد العراقي مرشح لمزيد من التداعيات ليس على شاكلة فرق الموت التي عملت على «تأديب» الشعب حينها عبر ترهيبه وذبحه، إنما عبر النيل المتتالي من قياداته السياسية، ما يشكل إحباطا وتخويفا وإرهابا لشعب كل جريمته أنه قال «للديكتاتور» مدعي الديمقراطية: كفى.. ويجب أن ترحل. فلا هو سمع لهم ولا هو قادر على سماعهم أسوة بمن سبقه من حكام حكموا بمنتهى القسوة على شعوبهم فأراد لهم شعبهم الرحيل. لن يكون العيساوي آخر شهداء ربيع العراق المستجد، إنما الجديد في ذلك أن الشعب الذي يصرخ الآن في ساحات العراق سيقول غدا: الشعب يريد إخراج إيران من العراق.