مثلت قضايا الأراضي والمبعدين في المحافظات الجنوبية والشرقية واحدة من أخطر القضايا التي وقفت في طريق الوحدة اليمنية لما شكلته في وعي الناس من تراكمات سلبية لممارسات من بعض القوى النافذة عسكريا واجتماعيا التي بسطت نفوذها على أراضي الدولة والمواطنين في هذه المناطق دون رادع من نظام أو قانون، وأصبحت وجعا مفتوحا في خاصرة الوحدة اليمنية، التي تم الإساءة لقيمها الأخلاقية والوطنية عبر هذه الممارسات التي ساهمت في ترسيخ الفوضى والتذمر على حد سواء. ومثلها قضية المبعدين من وظائفهم بعد حرب العام 1994م، التي همشت كوادر وكفاءات وألقت بها بعيدا عن الوظيفة العامة تحت مبررات واهية وبعيدا عن القيم الوطنية، الأمر الذي ساهم في تصاعد القضايا لأبناء الحراك الجنوبي وتحولها إلى مطالب سياسية، وهذه سياقات طبيعية أفضت إلى دعوات تنتهك نضالات اليمنيين وتاريخهم في تحقيق الوحدة اليمنية، ضمن ردود الفعل لمراحل القهر التاريخي التي لا يمكن أن تتلاشى بسرعة تفعيل المعالجات وإنما أصبح هناك حاجة ملحة إلى إعادة الأمور إلى نصابها ومحاكمة كل من أساء للوحدة عبر بوابة الممارسات الأنانية، وحب الاستئثار، والمطالبة اليوم قائمة بتحديد أسماء الضحايا والجلادين على حد سواء وبشفافية عالية بعيدا عن الصفقات المشبوهة وإغلاق الملفات يتم عبر حلول جذرية تستدعي روح الدولة وهيبة القانون التي افتقدها اليمنيون طويلا. وما القرارات الرئاسية الأخيرة القاضية بمعالجة قضايا الأراضي والمبعدين من وظائفهم إلا فرصة تاريخية لتهيئة الوطن للحوار وإعادة الحقوق وترميم النفوس التي تصدعت طوال عقدين من الزمن وصولا إلى مخارج سياسية للقضية الجنوبية تبدأ من الحقوق الفردية والعامة التي تم مصادرتها، ما أفرز كل هذه التداعيات القاتلة التي يدفع الوطن ثمنها اليوم كثيرا من إمكاناته ومستقبله وتماسكه السياسي والاجتماعي.